أحكام الأضحية في الإسلام مع اقتراب موعد عيد الأضحى المبارك، نتقرب أيضًا من إحدى أهم الشعائر الإسلامية العظيمة التي تذكرنا بطاعة نبي الله إبراهيم عليه السلام لربه، وكيفية امتثاله لأمر الله عز وجل دون تردد وإن بدا الأمر شديدًا قويُّا، ومن ثم كيف تتجلى رحمة الله عز وجل حتى في أوامره وفروضه، لذلك على المسلم أن يعظم من شأن هذه الشعيرة، ويؤديها طالما استطاع ذلك.
أحكام الأضحية في الإسلام
وقبل التعرف على أحكام الأضحية في الإسلام، فلنعرف ما معنى الأضحية.
ماهي الأضحية؟
- هي ما يذبح من بهيمة الأنعام بغرض التقرب لله تعالى، ويكون ذلك في بلد إقامة المضحي، ووقتها من بعد صلاة عيد الأضحى إلى آخر أيام التشريق ” والذي يوافق الثالث عشر من ذي الحجة”، وينوي بفعله ذلك نية الأضحية، فقد قال الله تعالى” فصل لربك وانحر”، وقال: ” قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين”
- والمقصود بكلمة “نسكي” في الآية: أي ذبحي.
وفي سورة الحج قال الله تعالى: ” ولكل أمة جعلنا منسكاً ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلِموا..”
فكل تلك الآيات تدل على شعيرة الأضحية، وفيما يلي نتعرف عن حكم الأضحية في الإسلام:
ماهو حكم الأضحية في الإسلام؟
اتفق أكثر أهل العلم على أن الأضحية سنة مؤكدة، وذهب البعض إلى وجوبها، وهي في الأصول مطلوبة في وقتها المخصص من المسلم الحي عن نفسه وأهل بيته، فيقول عند الذبح: “اللهم هذا عني وعن آل بيتي”.
أحكام الأضحية
- الأضحية بشاةٍ واحدة تجزئ عن الفرد بأهل بيته وأولاده، ودليل ذلك حديث أبي أيوب: ” كان الرجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون”
- المنصوص عليه في الأضاحي من بهيمة الأنعام هي ” الإبل، البقر، الغنم”، وذهب بعض العلماء إلى أن أفضل الأضاحي هي أضحية الإبل، ثم البقرة، ثم الشاة، ثم شركٌ في ناقةٍ أو بقرة، فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” ومن راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة”
وقد ذهب البعض الآخر إلى أن الأفضل هو الجذع من الضأن، ثم البقرة ثم الناقة، وذلك لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث ضحى النبي بكبشين.
- البدنة (الإبل) تجزئ عن سبعة أفراد، ودليل ذلك ما روي عن جابرٍ رضي الله عنه نحرنا بالحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة وفي لفظ أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة في واحد منها»، وفي لفظ «فتذبح البقرة عن سبعة نشترك فيها».
شروط الأضحية في الإسلام
وللأضحية بعضًا من الشروط كي تصبح صحيحًة ومقبولةً بإذن الله تعالى، وهي:
- أن تبلغ الأضحية السن المطلوب، وهو ستة أشهرٍ في الضأن، وسنة في المعز، وسنتان في البقر، وخمس سنين في الإبل.
- أن تكون الأضحية سالمةً من العيوب، فقد روي عنه صلى اله عليه وسلم أنه قال: ” ربع لا يجزين في الأضاحي ، العوراء البين عورها ، المريضة البين مرضها، والعرجاء البين ظلعها، والعجفاء التي لا تنقي “فقد بين النبي من خلال هذا الحديث أن تلك العيوب يجب أن تخلوا من الأنعام التي سيضحى بها، وهناك بعض العيوب الأخف مما ذكر في الحديث لا تحول بين إجزاء الأضحية ولكن يكره ذبحها، وذلك ” كالعضباء” وهي مقطوعة الأذن والقرن، والمشقوقة الأذن، وذلك لأن المسلم يبتغي بالأضحية التقرب إلى الله تبارك وتعالى، وهو طيب لا يقبل إلا الطيب من الأمور.
- ما دمت قد عينت إحدى الأنعام لغرض الأضحية، يحرم بيعها أو هبتها، إلا إذا أراد أن يبدلها بخيرٍ منها، وإذا ولدت يضحي بولدها معها، ولكن يجوز ركوبها عن الحاجة لذلك.
- يجب على الأضحية أن تذبح في وقتها المحدد، وهو من بعد صلا العيد وحتى قبل مغيب شمس آخر أيام التشريق، والذي يوافق يوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” من كان ذبح قبل الصلاة فليُعد”.
- إن كان في استطاعة المضحي أن يذبح بنفسه فليفعل، وذلك لأن تلك الشعيرة عبادة نتقرب بها لله عز وجل، وإن كان لا يستطيع فيجوز له أن ينيب عنه غيره.
- يستحب للمضحي أن يأكل من أضحيته، وأن يتصدق منها، وأن يهدي أقاربه وأحبابه منها، وقد ذهب أغلب أهل العلم على أن له ولبيته الثلث، وللفقراء الثلث، ولأهله وأحبائه الثلث.
- يحرم على المضحي أن يبيع أي جزء من أضحيته حتى لو كان الجلد أو الصوف أو غيره وذلك لأنه يبتغي بأضحيته وجه الله تعالى فقط، ويتقرب بها إليه، ولا يجوز له أن يعطي للجزار من تلك الأضحية على سبيل المقابل لأجرته، فقد روي عن علي رضي الله عنه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أمره ألاَّ يعطي في جزارتها شيئاً، وذلك لما يتضمنه من معنى البيع، إما إذا كان سيعطيه منها على سبيل الصدقة أو الهدية بعد أن يعطيه أجرة عمله فيجوز له ذلك.
آداب الأضحية في الإسلام
وبعد أن تعرفنا على شروط الأضحية وأحكامها، من المهم جدًا قبل أن تشرع في الذبح أن تتعلم آداب الذبح وكيفية الإحسان إلى البهيمة التي ستذبحها، وآداب الذبح هي:
1- أن يكون الذبح بآلة حادة، حتى لا يعذب الذبيحة، وأن يسرع في الذبح، لإن ذلك هو المقصود بإراحة الذبيحة حيث قال الحبيب صلى الله عليه وسلم ” وليرح ذبيحته”
2- أن يستقبل الذابح القبلة، أي أنها تكون موجهة للقبلة بمذبحها وليس بوجهها، فقد كان عمر رضي الله عنه يكره أن يأكل من ذبيحةٍ لم تذبح على القبلة، ولم يخالفه في ذلك أحدٌ من الصحابة.
3- ألا يحد الذابح سلاح الذبح أم الذبيحة ولا يظهره لها، ودليل ذلك ما رواه ابن عباس رضي الله عنه “أن رجلا أضجع شاة يريد أن يذبحها وهو يحد شفرته، فقال له النبي – صلى الله عليه وسلم -: أتريد أن تميتها موتات؟ هلا حددت شفرتك قبل أن تضجعها”.
4- أن تهيئ الذبيحة للذبح فتضجع على جانبها الأيسر برفق، وعلى ذلك أجمع العلماء، حيث أنه أسهل في الذبح.
5- أن تؤخذ الذبيحة إلى مكان الذبح برفق، وأن يعرض عليها الماء قبل ذبحها.
6- أن يقوم الذابح بالتكبير ثلاثًا قب التسمية وثلاثُا بعدها، ثم يقول: اللهم هذا منك وإليك فتقبله مني، وأن يذبح بيده اليمنى.
7- ألا بحدث أذىً بالذبيحة قبل ذبحها كجرحها أو سلخها وما إلى ذلك، وألا يبالغ الذابح في القطع أو يسلخها قبل أن تبرد، فعن ابن عباسٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تفرس الذبيحة، والمقصود بالفرس هو كسر رقبتها قبل أن تبرد.
دليل الأضحية من القرآن
هناك الكثير من الآيات التي تحدثت عن الأضحية في القرآن مثل:
- فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ.
- لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ.
- وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ.
- وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ.
- إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ *فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ *إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ.
وفي تفسير آيات سورة الكوثر قال القرطبي في ” تفسيره” (20/ 218): (أَيْ: أَقِمِ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ عَلَيْكَ، كَذَا رَوَاهُ الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَعَطَاءٌ وَعِكْرِمَةُ: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ) صَلَاةَ الْعِيدِ وَيَوْمَ النَّحْرِ، (وَانْحَرْ) نُسُكَكَ. وَقَالَ أَنَسٌ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْحَرُ ثُمَّ يُصَلِّي، فَأُمِرَ أَنْ يُصَلِّيَ ثُمَّ يَنْحَر).
وقال ابن كثير في ” تفسيره”(8/ 503): (قال تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (الأنعام: 162 ، 163) قال ابن عباس، وعطاء، ومجاهد، وعكرمة، والحسن: يعني بذلك نحر البُدْن ونحوها).
طرق توزيع الأضحية
تعددت الآراء في أمر طرق توزيع الأضحية، وإليك تلك الآراء:
السنة في توزيع الأضحية:
السنة في توزيع الأضحية هي تقسيم الأضحية إلى ثلاث أجزاء، جزء للفقراء، وجزء للإهداء، وجزء آخر للأكل. فيقول الله تعالى في كتابه (فكلوا منها وأطعموا البائس والفقير).
رأي الأحناف والحنابلة
يرى الأحناف والحنابلة باستحباب تقسيم الأضحية إلى ثلاثة أجزاء، الجزء الأول هو ثلث للفقراء، والثاني يكون ثلث للإهداء، والثالث ثلث للمضحي. ويرى الأحناف أيضًا أنه من الأفضل أن يتصدق المضحي بالثلثين إن كان موسرًا، ويأكل الثلث.
رأي الشافعية
يرى الشافعية أنه من الأفضل توزيع الأضحية على المحتاجين والفقراء، وأن يأخذ منها القليل.
رأي المالكية
يرى المالكية أن للمضحي أن يوزع كما يشاء، وأنه لا يوجد تقسيمة معينة، واستدلوا عن ذلك بما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن ثوبان مولى الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (ذَبَحَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ضَحِيَّتَهُ، ثُمَّ قالَ: يا ثَوْبَانُ، أَصْلِحْ لَحْمَ هذِه، فَلَمْ أَزَلْ أُطْعِمُهُ منها حتَّى قَدِمَ المَدِينَةَ).
شروط الأضحية للمرأة
يجوز للمرأة أن تشارك في ذبح الأضحية، فمن شروط المضحي أن يكون عاقلًا ومسلمًا وألا يذبح لغير اسم الله تعالى. وشروط الأضحية والمستحب فيها هو حد الشفرة جيدًا، وإمرار السكين بقوة ذهابًا وعودة.
ولا تختلف شروط الأضحية عند المرأة أو الرجل، وهي كالتالي:
1- أن تكون الأضحية من بهيمة الأنعام
وبهيمة الأنعام هي الإبل والبقر والغنم، لقوله تعالى (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ).
2- أن تبلغ سنًا محددًا
يجب أن تكون الأضحية جذعة من الضأن أو ثنية، وهذا لقول الرسول صلى الله عليه وسلّم: ” لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن ” . رواه مسلم.
3- أن تكون خالية من العيوب
يجب أن تكون الأضحية خالية من العيوب المانعة وهي العور البين، أو العرج البين، أو الهزال المزيل للمخ، أو المرض البين.
4- ملكية الأضحية
يجب أن تكون ملكًا للمضحي، أو مأذونًا له فيها من قبل الشرع أو من قبل المالك.
5- وقت الأضحية
أن يضحى بها في الوقت المحدد للأضحية، وهو من بعد صلاة العيد يوم النحر إلى غروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة.
نهايةً لا تنسى أخي المسلم قول الله تعالى: ” ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب”، واحرص على أن تكون نيتك خالصةً لوجه الله تعالى في جميع طاعتك وعباداتك، عسى الله أن يجعلنا وإياكم من المقبولين أعمالهم.
اقرأ ايضا: فضل صيام يوم عرفة | ما هو يوم عرفة ؟