يعد اضطراب الشخصية المرتابة أحد اضطرابات الشخصية المشهورة، والتي تلازم صاحبها في جميع أوقاته، وتجاه أقرب الأقربين إليه دون الاستناد على أي أسباب حقيقة؛ حيث يعتقد أصحاب هذه الشخصية المُرتابة أن الآخرين يتعمدون تحقيرهم، وإيذائهم، وتهديدهم.
وفي هذا المقال سنتناول اضطراب الشخصية المرتابة وسبب الإصابة بها، وأبرز الأعراض التي تميز أصحابها… إلى غير ذلك من الأمور التي تتعلق بهذه الشخصية.
تعريف اضطراب الشخصية المرتابة
عرّف علماء النفس اضطراب الشخصية المرتابة على أنه وجود خلل في تفكير تفكير الشخص يجعله يندفع إلى
سلوك طريق من الخيالات الغريبة والشاذة عن الطبيعة للعيش فيها، ينتج عنها سوء تفسيره لِأبسط التصرفات والمواقف؛
بغرض تأكيد شكوكه في الآخرين مع عدم توفر سبب حقيقي وراء ذلك.
هذا، وقد أوضح العلماء أن هذا الاضطراب يبدأ يظهر على المصابين في مقدمة سن الرشد، كما أنه أكثر شيوعاً بين الرجال
أكثر من النساء.
كما أن المصابين بهذا النوع من الاضطراب لا يشعرون أن سلوكهم غير طبيعي، بل ويعتقدون أنهم تصرفاتهم تجاه الآخرين منطقية.
أسباب الإصابة باضطراب الشخصية المرتابة
لم يتوصل العلماء حتى الآن لوجود سبب حقيقي، وفعلي
وراء الإصابة باضطراب الشخصية المُرتابة، لكنهم أوضحوا أنه توجد علاقة وطيدة بين الإصابة به وبين إصابة أحد أفراد عائلة
المصاب بالفصام، أو التعرض للصدمة العاطفية، أو الجسدية في مرحلة الطفولة.
وعلى الجانب الآخر، فقد أوضحت طبيبة نفسية أن الغالبية العظمى من أصحاب اضطراب الشخصية المُرتابة يمكن أن يكونوا
قد تعرضوا للحرمان، والقسوة في المعاملة ، والضرب المبرح من المحيط الاجتماعي الخاص بهم، مما أدى إلى تولد مشاعر
الخوف، وعدم الأمن والأمان لديهم، فانبعثت في نفوسهم الرغبة في زيادة الحذر من الأشخاص، والحيطة من الآخرين في
تعاملاتهم.
أما عن تفسير الأسباب النفسية لهذا النوع من الاضطراب، فقد توّصلت الدكتورة، إلى أن مادة الدوبامين والمعروفة بأنها إحدى النواقل العصبية في الدماغ والتي توجد في الفص الأمامي تجعل الشخص يُفضل الميل إلى العناد، والتحدي، والحذر والشك بشكل زائد، ومبالغ فيه.
أعراض اضطراب الشخصية المرتابة
هناك مجموعة من الأعراض والسمات التي تميز الشخص المصاب باضطراب الشخصية المُرتابة وهي:
- حمل الأحقاد، والضغائن تجاه الآخرين دون وجود أي سبب وراء ذلك؛ نتيجة تفسيره لجميع تصرفاتهم على أنها عدوانية، ويملؤها الاضطهاد، وقصد الإساءة له.
- الشك الدائم في تصرفات الآخرين تجاهه.
- الشك في ولاء الآخرين.
- الاعتقاد بدون مبرر أن الآخرين يخدعونه.
- التمسك بالحقد، وعدم العفو عن الغير بسهولة.
- الشعور بِفرط الحساسية، وعدم تقبل النقد.
- بالإضافة إلى ذلك، فإن المصابين بهذا النوع من الاضطراب علاقتهم بالآخرين مليئة بالغيرة، والتسلط، والبرود.
- كما أنهم يرون أنهم دائماً على صواب.
- لدى الشخص المصاب باضطراب الشخصية المُرتابة وجود شكوك متكررة بخيانة شريك حياته.
- كما أنهم يواجهون صعوبة في الشعور بالراحة، والاسترخاء.
- سرعة الغضب، والجدال الدائم، والدفاع عن نفسه بقوة.
- وجود عدوانية شديدة عند التعامل مع الغير.
تشخيص اضطراب الشخصية المُرتابة
يتم تشخيص الشخص المصاب باضطراب الشخصية المُرتابة، بعد أن يقوم الطبيب النفسي بتقييم الأعراض الموجودة به، وبعد أن يعلم أيضاً وقت وبداية شعور المصاب بهذه الأعراض.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الطبيب يقوم بإجراء فحص جسدي كامل للمصاب، بجانب السؤال عن العلاقات في مرحلة الطفولة، والدراسة، والعمل، كما أنه يعرض على المصاب موقف تخيلي؛ حتى يتعرف الطبيب على ردة فعله و يقتبسها تجاه؛ حتى يتمكن من وضع الخطة العلاجية التي تناسب كل مصاب، وتساعده في العودة إلى الحياة بشكل طبيعي.
علاج اضطراب الشخصية المرتابة
في العادة لا يطلب الأشخاص المصابين بهذا النوع من الاضطراب العلاج من تلقاء أنفسهم؛ لأنهم لا يشعرون أن سلوكهم تجاه الآخرين غير طبيعي، أو أنهم يعانون من مشكلة. وعند الاتجاه للعلاج، فإن الأطباء هم من يحددون نوعية العلاج التي تتناسب مع كل حالة بالطريقة التي تلائمها.
فمن الممكن أن يستخدم الطبيب مع المصاب العلاج الدوائي، أو العلاج النفسي، وفي غالب الأحيان، يلجأ الأطباء إلى استخدام العلاج النفسي؛ لأنه يعتبر الأفضل في علاج هذا الاضطراب لأنه يركز على تحسين عملية التفاعل، والتواصل الاجتماعي، والثقة بالنفس؛ لأن الشخص المصاب لا يثق بالآخرين بسهولة، لِدرجة أنه قد يشتبه بالطبيب؛ لذلك، يلجأ الأطباء لاستخدام هذا النوع من العلاج لتعزيز الثقة بينهم وبين المصابين.
أولاً: العلاج النفسي
يساعد العلاج النفسي الأشخاص المصابين كيفية التعامل مع هذا الاضطراب، والطرق الصحيحة للتواصل مع الآخرين في شتى المواقف، كما أنه يساعدهم على تقليل مشاعر جنون العظمة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن ثقة الشخص المصاب في الطبيب النفسي تتحقق أقصى استفادة ممكنة.
ثانياً: العلاج الدوائي
في بعض الأحيان يلجأ الطبيب المعالج إلى وصف علاج دوائي للمصاب مثل مضادات القلق، والاكتئاب، والأدوية المضادة للذهان إذا كان المريض يعاني من القلق بشكل مبالغ فيه، أو أنه يعاني التفكير الوهمي الذي ينتج عنه إيذاء النفس، أو الآخرين، أو اكتشاف أنه يعاني من مشكلة نفسية مرتبطة بهذه الأدوية مثل القلق (anxiety)، أو الاكتئاب (depression)، إلا أنهم لا يفضلون استخدام هذه الأدوية في غالب الأحيان؛ لأنها قد تؤدي إلى زيادة شعور المريض بالشك، ومن ثم ينسحب من العالج.
كيفية التعامل مع الشخصية المُرتابة
يعتبر التعامل مع أصحاب اضطراب الشخصية من الأمور الصعبة التي يحذر الكثير منها خاصةً بعد تأكدْهم من أن المصاب يعاني من هذا الاضطراب بالفعل. لذلك، فإن هناك عدة أمور معينة يجب أن تتوفر في التعامل مع أصحاب هذا الاضطراب وهي:
- توضيح المراد من الأقوال والأفعال، والتعامل بكل صراحة ووضوح.
- تقديم له الاحترام والتقدير الذي يستحقه، وعدم احتقاره.
- عدم مواجهة أخطائه، واسقاطاته بعنف.
- الحذر من انتقاده أو مجادلته خاصةً إذا كان يتواجد بين مجموعة من الأشخاص؛ لأن الشخص المصاب بالارتياب يستند على أدلة وهمية من صنع خياله، ويعتقد أنها حقيقة.
- عليك أن تتحلى باللطف، والصبر عند إقناعه، والحديث معه.
- الاعتماد على الصراحة المطلقة في الأقوال، وتجنب الكذب، والخيانة دائماً.
- اتبع أسلوب الهدوء، واعتمد على الحوار الهادئ؛ فإن هذا الأسلوب من أنجح الطرق التي يمكن أن تثبت للمصاب أنه على خطأ.
- التعامل بحذر مع أصحاب هذا الاضطراب؛ لأنهم من الممكن أن يعتمدون على إسقاط أخطائهم على الغير من أجل إنقاذ موقفهم.
في نهاية المقال، نذكر أننا استعرضنا لك المراد باضطراب الشخصية المُرتابة، والأسباب التي يمكن أن تكون ساهمت في تشّكلها وظهورها عند المصابين، بالإضافة إلى ذلك، فقد وضحنا لك أهم السمات التي تميز أصحاب هذه الشخصية، وكيف يتمكن الأطباء من تشخيصها، وعلاجها، وأخيراً بيّنا لك كيف يتم التعامل مع أصحاب هذا الاضطراب.