الدعوة جهرا بعد ثلاث سنين من الدعوة سراً جاء أمر الله تعالى لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم في الدعوة جهرا والبدء
بقبيلة قريش، قال تعالى: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) [الشعراء: 214]، فخرج عليه الصلاة والسلام وصعد إلى جبل الصفا وأخذ
ينادي على قريش وبعد أن اجتمعوا دعاهم لله تعالى فاستهزأوا به وانصرفوا وتركوه على الرغم من اعترافهم بأنّه الصادق الذي
لا يكذب أبداً ولكنهم صدوا وتكبروا وأخذوا يحاربونه عليه الصلاة والسلام من أجل أن يترك دعوته لتعصبيهم لآلهتهم وعبادتهم
للأوثان، فاتهموه بالجنون، وحاولوا استمالته بالسلطان والمال والجاه، وعندما تمسّك بالدعوة اخذوا يضايقونه ويعذّبون أصحابه،
وعندما توفي عمه ازدادت المضايقات وحاولوا قتله عليه الصلاة والسلام وغيرها الكثير من صور المضايقات حتى هاجر عليه
الصلاة والسلام مع صحابته إلى المدينة المنورة وأقام فيها الدولة الإسلامية، وقد استمرت الدعوة الجهرية عشرة سنين حتى
توفي عليه الصلاة والسلام.
جهر رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- بالدعوة تنفيذاً لأمر الله -سبحانه وتعالى-، فعمد إلى جبل الصفا حتى وقف عليه.
ثم جعل ينادى: (يا بني فِهْرٍ، يا بني عَدِيٍّ، لبطونِ قريشٍ، حتى اجتمعوا، فجَعَلَ الرجلُ إذا لم يَسْتَطِعْ أن يَخْرُجَ أَرَسَلَ رسولًا؛
ليَنْظُرَ ما هو، فجاءَ أبو لهبٍ وقريشٌ، فقال: أَرَأَيْتَكم لو أَخْبَرْتُكم أن خيلًا بالوادي تريدُ أن تُغِيرَ عليكم أَكُنْتُم مُصَدِّقِيَّ؟ قالوا: نعم،
ما جَرَّبْنَا عليك إلا صدقًا، قال: فإني نذيرٌ لكم بينَ يَدَيْ عذابٍ شديدٍ، فقال أبو لهبٍ: تبًّا لك سائرَ اليومِ، أَلِهذا جَمَعْتَنَا؟ فنزَلَتْ:
تبت يدا أبي لهب وتب*ما أغنى عنه ماله وما كسب). ثم بعد ذلك بدأ النبي -عليه الصّلاة والسّلام- بدعوة أهله وقرابته
فجمعهم إليه ودعاهم للإسلام، فقال: (يا بني كعبِ بنِ لؤيّ، أنقِذُوا أنفُسَكُم منَ النارِ، يا بني مرةَ بنِ كعبٍ، أنقذُوا أنفُسَكُمْ منَ النارِ، يا بني عبدِ شمسٍ أنقذُوا أنفسَكُم من النارِ، يا بني عبدِ منافٍ أنقذُوا أنفُسكُم من النارِ، يا بني هاشمٍ أنقذُوا
أنفسكُم منَ النارِ، يا بني عبدِالمطَّلبِ أنقذُوا أنفُسكمْ منَ النارِ، يا فاطمةُ أنقذِي نفسَكِ منَ النارِ، فإني لا أملكُ لكُم منَ اللهِ
شيئًا غيرَ أنَّ لكُم رحِمًا سأَبُلُّها ببِلالِها).