ماهو حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف
يتساءل العديد من الأشخاص عن حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف حيث أنه من الأشياء التي أُحدثت وظهرت بعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم بعدة قرون. أما قرن الصحابة والتابعين والأئمة المتبوعين، ومن جاء بعدهم فلم يكن هناك أحدٌ منهم يحتفل بهذا اليوم.
ولما كان هناك خلاف كبير بين العملاء في حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف قمنا بجمع آرائهم لك في هذا المقال؛ لِمساعدتك في معرفة الحكم.
اقرأ ايضا: حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية للمسلمين
حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف عند ابن تيمية
يرى الإمام ابن تيمية في حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف أنه بدعة من البدع المحدثة؛ وذلك لأنه لم يرد عن أحد من السلف الصالح أنه أقام احتفالاً بمولد النبي صلى الله عليه وسلم.
هذا، وقد نص الإمام على هذا المعنى فقال “وأما اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية كبعض ليالي شهر ربيع الأول التي يقال إنها ليلة المولد، أو بعض ليالي رجب، أو ثامن عشر ذي الحجة، أو أول جمعة من رجب، أو ثامن شوال الذي يسميه الجهال عيد الأبرار، فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف ولم يَفعلوها”
ومن هنا يتضح أن الإمام ابن تيمية يؤكد على بدعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف.
حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في المذهب المالكي
يرى علماء المذهب المالكي أن حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بدعة منكرة وكل بدعةٍ ضلالة، وأن من يستحسنها ويتبعها إنما يفعل ذلك إتباعاً لهواه، وإرضاءاً لعامة الناس على حساب الدين.
حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف عند الشعرواي
يرى الإمام الشعراوي في حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف أنه يجوز الاحتفال بذكرى المولد النبوي؛ لأنه يندرج تحت قول الله تعالى “وذكرهم بأيام الله”؛ حيث أن الأيام ظرف للأحداث لأن الزمن أو الأيام يُشرف بالحدث الذي وقع فيه.
وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء فإننا نحسب البعثة يوم، والهجرة يوم، ونصر كل غزوة من الغزوات يوم، وكل هذه الأيام هي فرع عن يوم مولده صلى الله عليه وسلم؛ لأنه الأصل الذي تتفرع عنه كل الأيام التي يتذكر بها الناس النصر الذي تحقق لِدين الله، وخذلان أعدائه.
حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف دار الإفتاء
رأي دار الإفتاء المصرية في حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف أنه ليس بدعة، ويجوز الاحتفال به عن طريق ذكر الله والصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم، وإطعام الطعام؛ لأن ذلك من أفضل الأعمال، وأعظم القربات؛ حيث أن ذلك يعد تعبير عن الفرح والحب للنبي صلى الله عليه وسلم.
ومن المعلوم أن حب النبي صلى الله عليه وسلم أصل من أصول الإيمان والدليل على ذلك الحديث الصحيح الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم “لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والِده، وولده والناس أجمعين” .
بالإضافة إلى ذلك، فقد سن لنا النبي الشكر لله تعالى على مولده صلى الله عليه وسلم؛ حيث أنه كان يصوم الإثنين ويقول ” ذلك يوم ولدت فيه”. كما أنه إذا اجتهد العبد في أن يضم النوايا الصالحة الأخرى في الاحتفال بهذا اليوم مثل إدخال السرور على أهل بيته، وصلة الرحم، والتعبير عن الفرح بمولد النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يصبح مستحباً، بل ومندوباً إليه.
ومن هنا يتضح أنه لا مانع في جواز الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف.
كما أجازت دار الافتاء أنه يجوز للرجل أن يشتري الحلوى احتفالاً بذكرى المولد النبوي لأهل بيته، أو والدته، أو لِابنته المتزوجة.
الرد على من قال ببدعية الاحتفال بهذا اليوم
أما من قال ببدعية الاحتفال بذكرى هذا اليوم، أو بحرمته فإن ذلك يكون مذموماً؛ لأن بدعة الضلالة التي نهانا عنها النبي صلى الله عليه وسلم هي ما أُحدث مما يخالف كتاباً أو سنة.
الرد على من قال أنه لم يحتفل أحد من الصحابة بذكرى المولد النبوي
أما عن إدعاء أنه لم يحتفل أحداً من السلف الصالح بذكرى المولد النبوي فإنه ليس صحيحاً؛ وذلك لما ورد في السنة النبوية من احتفال الصحابة رضوان الله عليهم بالنبي صلى الله عليه وسلم وقد أقر النبي بذلك وأذن فيه والدليل على ذلك الحديث الذي ورد عن بُريدة الأسلمي رضي الله عنه أنه قال “خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه، فلما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت: يا رسول الله، إني كنت نذرت إن ردك الله سالماً أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن كنت نذرتِ فاضربي، وإلا فلا”.
حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الأربعة
لم يرد عن الأئمة الأربعة قول في مسألة الاحتفال بذكرى المولد النبوي؛ وربما يرجع السبب في ذلك إلى أنهم كانوا من القرون الأولى التي لم يظهر فيها سنة الاحتفال بذكرى هذا اليوم؛ حيث ظهرت البدع والخرافات من عامة الناس بعد القرن الثالث وقد جند الله علماء أجلاء لِتصدي ودحض الخرافات والبدع التي ظهرت في هذا الوقت.
حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف عند ابن عثيمين
يرى الإمام ابن عثيمين أن ليلة مولد النبي صلى الله عليه وسلم ليست معلومة على وجه التحديد؛ حيث أن بعض العصرين قال أنها ليلة التاسع من ربيع الأول، بينما قال البعض الآخر أنها ليلة الثاني عشر منه وبذلك يكون الاحتفال في ليلة الثاني عشر من شهر ربيع الأول لا أصل له من الناحية التاريخية.
أما عن رأي الإمام في حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من الناحية الشرعية فيرى أنه لا يجوز لأنه لا أصل له؛ معللا السبب في ذلك أنه لو كان من شرع الله لَفعله النبي صلى الله عليه وسلم، أو أوصى أمته أن يقوموا يالاحتفال به، وإذا كان هذا الاحتفال موجوداً على عهد النبي فإنه بذلك يكون من كمال الدين ومن قال أنه من كمال الدين رغم أنه أُبتكر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فقد كذب بقول الله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم).
ومن هنا يتضح أنه إذا كان الاحتفال بالمولد النبوي من أجل التقرب إلى الله، و تعظيم رسوله فإنه بدعة ومحرم، ولا يجوز؛ لأن ذلك يجعل العبد يحدث في دين الله ما ليس منه.
في نهاية المقال، نذكر أننا تعرفنا على حكم الاحتفال بالمولد الشريف عند مجموعة من العلماء والأئمة.