علامات يوم القيامة كما وردت في القرآن الكريم
تعتبر علامات يوم القيامة موضوعًا محوريًا في القرآن الكريم، حيث تُذكر بشكل دقيق ومفصل. يشير القرآن إلى علامات تنبؤ بقدوم هذا اليوم المهم، وتظهر هذه العلامات كمؤشرات على الساعة الكبرى. تتنوع هذه العلامات بين الظواهر الطبيعية والظواهر الإنسانية، مما يجعل فهمها أمرًا ذا أهمية خاصة للمسلمين. في هذه المقالة، سنستعرض بعضًا من هذه العلامات ونبحر في فهم معانيها وأثرها على البشرية.
التنبؤ بيوم القيامة في القرآن الكريم
عند التأمل في القرآن، يتضح لنا التنبؤات بيوم القيامة والفرق بين العلامات الصغرى والكبرى، فالصغرى تظهر بشكل مستمر كمؤشرات مثل الفتن والظلمات، بينما تُشير العلامات الكبرى إلى أحداث فاجعة، كالزلزال العظيم وظهور الدابة، تترك بصمة تنبؤ تتسارع بالقرب من يوم القيامة.
العلامات الصغرى:
- بعثة النبي صلى الله عليه وسلم.
- موته صلى الله عليه وسلم.
- فتح بيت المقدس.
- طاعون “عمواس” وهي بلدة في فلسطين
- استفاضة المال والاستغناء عن الصدقة
- ظهور الفتن
- ظهور مدَّعي النبوة.
- ظهور نار الحجاز.
- ضياع الأمانة
- قبض العلم وظهور الجهل
- انتشار الزنا
- انتشار الربا
- ظهور المعازف
- كثرة شرب الخمر
- تطاول رعاء الشاة في البنيان
العلامات الكبرى:
- ظهور الدجال
- نزول عيسى بن مريم عليه السلام
- خروج يأجوج ومأجوج
- حدوث ثلاث خسوفات: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب
- الدخان
- طلوع الشمس من مغربها
- الدابة
- النار التي تسوق الناس إلى محشرهم
وفيما يلي نتناول جميع علامات يوم القيامة كما ذُكرت في القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، وما لها من تأثيرات على المسلمين
العلامات الصغرى والمراقبة الشخصية
في سياق العلامات الصغرى ليوم القيامة، تتحقق أهمية المراقبة الشخصية في فهم تأثير هذه العلامات على سلوك الإنسان. الفتن والظلمات، كعلامات صغرى، تشجع المؤمنين على التأمل ومراقبة أفعالهم. يوجه القرآن المقدس الدعوة إلى النظر في النفس وتقويم الأخلاق، مما يبرز الوعي الفردي والتركيز على القيم الدينية. هذا التوجيه يعزز الوعي الذاتي ويشجع على النمو الروحي، مما ينعكس أهمية العمل الصالح وتقوى الله في تحضير الفرد ليوم القيامة. كما نجد أن القرآن الكريم به العديد من الآيات الداعية للتفكير والاستعداد:
- قال الله تعالى في سورة آل عمران: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ” (آل عمران: 102).
- وفي سورة الحشر: “يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ” (الحشر: 9).
- وأيضًا في سورة الحاقة: “فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ مَسْرُورًا” (الحاقة: 19-21).
وهكذا، يظهر التوجيه الديني في القرآن الكريم والدعوة للتأمل والاستعداد ليوم القيامة بشكل واضح، وفيما يلي نستعرض العلامات الصغرى التي تحققت.
علامات يوم القيامة الصغرى التي تحققت بالفعل
صُنفت علامات يوم القيامة التي تحققت من المفسرين والعلماء إلى قسمين وهما:
الأول: العلامات الصغرى التي تحققت وانقضت
- بعثة النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: “بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار إلى إصبعيه السبابة والوسطى”. رواه البخاري .
- انشقاق القمر في عهده صلى الله عليه وسلم.
الثاني: العلامات الصغرى التي تحققت ولم تنقض
وهي ما أخبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة كقوله : “لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس بالدنيا لكع بن لكع”. رواه الإمام أحمد. ومنها:
- تضييع الأمانة وإسناد الأمر إلى غير أهله.
- موت العلماء، وكثرة القتل، وفشو الجهل، وكثرة الفتن والزلازل.
- التشبه بالكفار، واستفاضة المال وفشو المنكرات
- ظهور الربا والزنا والخمر وخروج المتبرجات
- اشتغال الرعاة الحفاة بالتطاول في البنيان،
- زخرفة المساجد.
ولذلك فإن كل العلامات الصغرى تحققت، وبعضها قد انقضى وبعضها ما زال مستمرًا، وأما العلامات الكبرى فلما تظهر بعد.
العلامات الكبرى ليوم القيامة ودورها في الإيمان.
ترتبط العلامات الكبرى بلحظة القيامة الفاصلة، حيث يصبح الإيمان بوقوعها أمرًا حيويًا. تتنوع هذه العلامات بين الظواهر الطبيعية والأحداث الخارقة، وتلعب دورًا كبيرًا في تعزيز الإيمان وتذكير الإنسان بالحقيقة الروحية، ونجد أن منها ما جاء في القرآن الكريم، ومنها ما جاء في الأحاديث النبوية الشريفة.
علامات يوم القيامة الكبرى في القرآن الكريم:
- الزلزال العظيم: قال الله في سورة الزلزلة: “إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا” (الزلزلة: 1-2).
- ظهور الدابة: قال الله في سورة النمل: “حَتَّىٰ إِذَا جَاءَتْ أَحَدَهُمْ مَوْتَهُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ” (النمل: 99-100).
- نزول عيسى عليه السلام: قال الله في سورة الزخرف: “وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ ۚ هَٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ” (الزخرف: 61).
علامات يوم القيامة الكبرى في الأحاديث الشريفة:
- ظهور الدجال: عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن دجالًا لَيُصِيبُ بِالْعُمْىِ الأَعْوَرَ الْأَبْصَرَ، الَّذِي خَلَقَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْوَرَ” (صحيح البخاري).
- ظهور يأجوج ومأجوج: عن زيد بن خالد الجهني، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يأجوج ومأجوج، إذا فُتِحَتْ لَهُمَا، أَعْظَمُ مِنْ دَهْرِهِمَا، فَيَبْعَثُ اللهُ عَلَيْهِمَا نَارًا، فَيَنْزِلُوا إلَى وَادٍ مِنْ أَصْلِ جَبَلٍ” (صحيح مسلم).
- نزول عيسى عليه السلام:عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “وَإِنَّهُ لَيَنْزِلُ فيكم عيسى ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلاً فَيُكْسِرُ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ وَيَفِيضُ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ” (صحيح البخاري).
- ظهور الدخان: عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فَيَظْهَرُ بِالنَّاسِ بَخَارٌ عَلَى النَّاسِ كَالصَّفَّاقِ فَيَغْرِقُ النَّاسَ عَلَى وَجْهِهِمْ، وَيَذْهَبُ الْمَاءُ تَحْتَهُمْ” (صحيح مسلم).
تأثير علامات يوم القيامة على السلوك والأخلاق
إيمان المسلم باليوم الآخر يشكل جزءاً أساسياً من عقيدته، حيث يرتبط بقضية البعث في الدار الآخرة ووحدانية الله تعالى. اليوم الآخر يظهر كركن أساسي في بنية العقيدة الإسلامية، حيث يُعتبر إيماناً بالغيب الذي يفوق قدرة العقل، ويأتي من خلال النصوص الوحيية.
يربط الله تعالى إيمان المسلم باليوم الآخر بالإيمان بذات الله، مثلما قال في القرآن: “لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ” [البقرة: 177]. وفي سورة الطلاق: “ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ” [الطلاق: 2].
في الرؤية الإسلامية، الحياة ليست مجرد فترة زمنية في الدنيا، بل هي امتداد إلى أبد الآباد في الآخرة. الله تعالى يصف في القرآن جنته بأن عرضها كعرض السماء والأرض، وهي مُعَدَّةٌ للمؤمنين [الحديد: 21]. وفي سورة ق: “يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلْ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ” [ق: 30].
الإيمان بالله وبيوم القيامة يوجه سلوك المسلم نحو مسار الخير والعدالة. لا يُمكن لأي قانون إنساني أن يجعل السلوك بالفعل إنسانيًا بمثل فعالية الإيمان باليوم الآخر. فهنا يظهر الفارق الكبير بين سلوك من يؤمن بالله وبيوم القيامة، وبين سلوك الذي يجهل هذه القيم الروحية والدينية.
إن الإيمان باليوم الآخر يظهر كموجه حقيقي للتصرفات الإنسانية، نحو مسار الخير والعدالة. إن الحياة لا تُفهم كتجربة قصيرة في هذه الدنيا المحدودة، بل تمتد إلى أبد الآباد في الآخرة.
توجيهات للمسلمين لتحضير ليوم القيامة.
التحضير ليوم القيامة يشمل مجموعة من التوجيهات والأفعال التي يُشجع عليها المسلمون ويُوجهون للقيام بها. من بين هذه التوجيهات:
أداء الحقوق:
- المسلم يجب أن يُبادر إلى أداء جميع الحقوق، سواء كانت مالية أو اجتماعية.
- يجب عليه إعادة كل حق إلى صاحبه، سواء كان ذلك حقوقاً مظلمة أو وديعة أو عارية.
تأدية الأمانة والحكم بالعدل:
- يجب على المسلم تأدية الأمانة في كل ما يُكلف به.
- الحكم بالعدل أمر مهم، والمسلم يجب أن يكون قائداً عادلاً، مستندًا إلى قول الله في القرآن.
التوبة من المعاصي:
- التوبة من الذنوب تعتبر جوهرية لتحضير المسلم ليوم القيامة.
- الابتعاد عن السلوكيات السلبية، وتجنب الاعتداء واتهام الناس بالزور.
أداء الدين المادي:
- المسلم يجب أن يقوم بأداء الديون المالية والتزاماته قبل وفاته.
- إذا كانت الظروف تعيق أداء الديون في الحياة، يُفضل وصايا وتوجيهات تضمن إكمالها بعد الوفاة.
الاقبال على الطاعات:
- زيادة الأعمال الصالحة تعزز الرغبة في الخير وتوجيه الحياة نحو سُلوك إيجابي.
- الالتزام بأداء الصلاة والقرآن والأعمال الخيرية يعزز التوازن والسعادة.
الابتعاد عن المعاصي والنميمة:
- الحرص على تجنب الأفعال السلبية والنميمة، والسعي للحفاظ على سمعة طيبة.
- الالتفات إلى العواقب السلبية للذنوب والابتعاد عنها.
الحسن في التعامل والجوار:
- الوفاء بحقوق الجار والعناية بالعلاقات الاجتماعية الإيجابية.
- التواصل والتعامل بلطف وأخذ حقوق الجيران في عين الاعتبار.
الاستغفار والتقرب إلى الله:
- الاستغفار والتوبة الصادقة تساعد على تطهير النفس والتقرب إلى الله.
- الاستمرار في أعمال الطاعة والعبادة يعزز الروحانية والاستقامة.
تصفية القلب:
- يجب على المسلم تصفية قلبه من الغرور والحقد والرياء.
- السعي نحو التواضع والإخلاص في الأعمال يعزز القلب النقي، الذي يؤثر إيجابيًا على الأخلاق والعلاقات.
التذكير بالموت:
- الموت هو حقيقة لا مفر منها، ويُشجع على تذكير النفس بها باستمرار.
- زيارة القبور والتأمل فيها تُذكِّر المسلم بقدرته على الفهم العميق للحياة والموت.
تحقيق الهدف الأساسي:
- المسلم ينبغي أن يكون هدفه الأساسي الوصول إلى الجنة والابتعاد عن النار.
- الالتفاف حول هذا الهدف يُوجِّه الأفعال والقرارات نحو تحقيق النجاح في الدنيا والآخرة.
تفادي التجربة السلبية:
- من خلال التوكل على الله والتفكير في الآخرة، يُمَنع المسلم نفسه من الركون إلى الدنيا والالتفات فقط إلى المتع الزائلة.
العمل الصالح والسباق في الخير:
- المسلم يجب أن يكون سبّاقًا في فعل الخيرات والأعمال الصالحة.
- يُشجِّع على السباق في المجالات الخيرية وتحقيق الخدمة للمجتمع.
الالتزام بالاستغفار والتقرب إلى الله:
- الاستمرار في الاستغفار وتقوية العلاقة مع الله يُعزِّز الرغبة في التوبة والاستعداد للحياة الآخرة.
التواصل القوي مع الله:
- الصلاة والدعاء يُسهِمان في بناء علاقة قوية مع الله وتحقيق التواصل المستمر.
تحقيق الإكثار من العمل:
- الفهم العميق لزوال الدنيا وبقاء الآخرة يحثّ المسلم على الاكتفاء بالحاضر والعمل الجاد للحياة الدائمة.
الركون إلى الآخرة:
- الإشباع الحقيقي يأتي من تحقيق الطموح للآخرة، وليس من الالتفات الكثير إلى اللحظات الزائلة في الدنيا.
تأملات في رسالة القرآن حول علامات القيامة.
في سياق تدبر القرآن الكريم، يرسم لنا الله صورًا واضحة حول علامات القيامة. نجد هذه التصورات في عدة سور من القرآن، ومن بينها:
1.سورة الأنبياء:
-“حَتَّىٰٓ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ” (الأنبياء 96).
-“وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى ٱلزَّبُورِ مِنۢ بَعْدِ ٱلذِّكْرِ أَنَّ ٱلْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِىَ ٱلصَّٰلِحُونَ” (الأنبياء 105).
2.سورة النمل:
-“وَإِذَا وَقَعَ ٱلْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَآبَّةً مِّنَ ٱلْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ ٱلنَّاسَ كَانُوا۟ بِـَٔايَٰتِنَا لَا يُوقِنُونَ” (النمل 82).
3.سورة الدخان:
-“فَٱرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِى ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ” (الدخان 10).
-“يَغْشَى ٱلنَّاسَ هَٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11) رَّبَّنَا ٱكْشِفْ عَنَّا ٱلْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ” (الدخان 12).
4.سورة محمد:
-“فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا ٱلسَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَآءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّىٰ لَهُمْ إِذَا جَآءَتْهُمْ ذِكْرَىٰهُمْ” (محمد 18).
سورة القمر:
-“ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ” (القمر 1).
-“وَإِن يَرَوْا۟ ءَايَةً يُعْرِضُوا۟ وَيَقُولُوا۟ سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ” (القمر 2).