كل ماتريد معرفته عن قصة أصحاب الرس اليوم
ذكر الله لنا تعالى في كتابه العديد من قصص الأنبياء والأقوام السابقين، لنتعلم ونعتبر، ولنتعرف على الأمم السابقة وكيف هي نهاية الطغاة والمشركين وإن اختلفت بلادهم وأجناسهم.
وعندما يتعرف المسلم على تلك القصص يعلم أن العقبى النصر دائمًا للمؤمنين، وأن كلمة الله هي العليا دائمًا.
وكانت تلك القصص أيضًا وسيلة يثبت الله بها تعالى قلب نبيه، فقال تعالى: “وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ”
وفي هذا المقال سنتعرف معًا على قصة أصحاب الرس، والذين ذكروا في قوله تعالى: ” وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا. وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا، والذين أهلكهم الله تعالى لكفرهم وضلالهم.
من هم أصحاب الرس؟
أصحاب الرس هم إحدى الأقوام التي كذبت رسولها، وهناك خلاف كبير بين العلماء في تعيينهم، وهم في ذلك على آراءٍ هي:
- رأي ابن جرير: اختار ابن جرير الرأي الذي يقول بأن أصحاب الرس هم أصحاب الأخدود، الذين ذكروا في سورة البروج.
- رأي عكرمة: أما هذا الرأي فهو يقول بأن أصحاب الرس هم أصحاب يس والذين ذكروا في سورة يس.
- رأي ابن كثير: يرى ابن كثير أن أصحاب الرس هم غير هؤلاء، وقد استبعد أيضًا الرأي الذي اختاره ابن جرير.
- رأي ابن عباس: روي ابن عباس أن صحاب الرس هم أهل قرية من قرى ثمود، كما روي عنه أيضًا أن الرس هو بئر في أذريبجان، وسبب تسمية أصحاب الرس أنهم قاموا بقتل نبيهم ودفنه بهذا البئر.
- وكما ذكر في القرآن الكريم فإن أصحاب الرس قد أهلكهم الله سبحانه وتعالى لأنهم كذبوا وضلوا، ودليل ذلك قوله تعالى “وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا. وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا”
والمقصود بالتتبير هنا هو: الهلاك.
- ومن الأدلة على ذلك أيضًا قوله تعالى: ” كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ. وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ. وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ”
فأصحاب الرس قد كذبوا رسولهم، لذلك استحقوا الوعيد وأهلكهم الله تعالى.
اقرأ ايضاً: كل ماتريد معرفته عن قصة أصحاب الفيل للأطفال الحقيقية
قصة أصحاب الرس
كما ذكرنا فقد اختلف الكثير من العلماء في تعيين أصحاب الرس، وعلى ذلك فهناك كلام كثير في بيانه وبيان قصتهم، ولا يوجد فيها قول ثابت، وإليك أقوال المفسرين في قصهم:
1- أقوام يعبدون شجرة صنوبر
- قال بعض المفسرون أن أصحاب الرس هم أقوامٌ كانوا يعبدون شجرة صنوبر، وهذه الشجرة تدعى شاهدرخت.
- هذه الشجرة كان قد زرعها يافث ابن نوح.
- وقد أطلق على أصحاب الرس هذا الاسم لأنهم رسوا نبيهم الذي أرسل إليهم في الأرض.
2- قوم شعيب عليه السلام
- ذكر البعض أن أصحاب الرس هم قوم قد أرسل لله لهم شعيبًا عليه السلام/ وكانوا قومًا حول بئر، وقد كذبوا شعيبًا عليه السلام، وهو رأي وهب بن منبه
- وقال قتادة أن أصحاب الرس وأصحاب الأيكة هم أمتان أرسل الله تعالى لهما رسوله شعيبًا عليه السلام.
3- قوم يعبدون الآلهة
- قيل أن أصحاب الرس كان لديهم نهر غزير ومميز، كما أنهم قد تميزوا بأنهم الأطول عمرًا ولديهم مدن عظيمة منها مدينة اسفندرا، وتلك التي كانت بها العين المائية الخاصة بشجرة الصنوبر.
- غرس أصحاب الرس ي كل قريةٍ من قرى تلك المدينة حبة من الصنوبر، كما أجروا نهرًا من تلك العيون مأخوذة من العين الرئيسية عند شجرة الصنوبر الأولى، وقام أصحاب الرس بتحريم الشرب من تلك الأعين، وذلك سواءً للبشر أو الحيوانات.
- اعتقد أصحاب الرس أن الأعين التي تقوم بروي شجرة الصنوبر هي مصدر حياة لآلهة مما يوجب عليهم عدم الشرب منها، وقد أقموا القتل كعقاب على كل من يشر من تلك الأعين.
- كان أصحاب الرس يقومون بتقديم القرابين لهذا الشجر الذي زرعوه/ كل شهر لكل قرية، وذلك بالتوالي على مدار العام، كما كانوا يذبحون لها الذبائح ويشعلون فيها النيران، حتى تختفي الشجرة من آثار دخان تلك النيران فيسجدون لها ويبكون متضرعين.
- جاء الشيطان لأصحاب الرس وحرك أغصان الشجرة وبدأ يصيح لهم أنه قد رضي عنهم حتى يبدئوا في الرقص والتهليل وضرب المعازف.
- كان أصحاب الرس يحتفلون بالعيد الأكبر لهم عند الشجرة الرئيسية وكان يحضر هذا الاحتفال كل صغير وكبير، فكانوا يسجدون للشجرة ويقدمون لها القرابين والذبائح بكميات مضاعفة عن باقي الأشجار الأخرى التي قاموا بزرعها في بقية القرى.
- كان الشيطان يأتيهم في هذا الوقت ليعدهم بأمنيات أكثر من أية أمنيات وعدهم بها أي شيطانٍ آخر في بقية القرى.
وبعد أن طال كفرهم بالله تبارك وتعالى:
- بعث الله تعالى إلى أصحاب الرس نبيًّا من بني إسرائيل من ولد يهودا بن يعقوب عليه السلام، وذلك ليقوم بدعوتهم لعبادة الله تعالى والبعد عن الكفر والشرك به، ومك فيهم سنينًا عديدة دون استجابةٍ منهم.
- بعد أن رأى نبي الله إصرارهم على الكفر، قام بالدعاء عليهم حتى يبست أشجارهم.
- انقسم أصحاب الرس بعد ذلك إلى قسمين، البعض يقول أن هذا النبي قد قام بسحر آلهتهم والبعض الآخر يقول أن الآلهة غضبت من هذا النبي، واتفق الفريقين على قتل النبي.
- وبعد أن قتلوا النبي المرسل لهم من الله تعالى غضب الله عليهم وأهلكهم وقت عيدهم حتى لم يبق لهم أثر.
4- أنهم قوم النبي حنظلة بن صفوان
- هذه الرواية لقصة أصحاب الرس قد ذكرها أبو بكر محمد بن الحسن وهي أن أصحاب الرس كانت لهم بئر يرتوون منها وكانت تكفي جميع أراضيهم، وكان لهم ملك عادل وقد حسنت سيرته.
- لما مات هذا المالك العادل وجد أصحاب الرس عليه وجدًا عظيمًا، وبعد أيام جاء الشيطان وتصور لهم بصورة هذا الملك.
- قال لهم الشيطان وهو بصورة الملك أني لم أمت، ولكني قد تغيبت حتى أرى صنيعكم، ثم أخبرهم أيضًا أنه لا يموت أبدًا، كما أمرهم أين يضربوا بحاجب بينهم وبينه.
- صدق أصحاب الرس الشيطان وعبدوه وافتتنوا به، حتى أرسل الله تعالى لهم نبيًّا أخبرهم أن هذا ليس بملك وإنما هو بشيطان وقام بنهيهم عن عبادته وتعظيمه، وأمرهم بأن يعبدوا الله وحده لا شريك له.
- قيل أن اسم هذا النبي كان حنظلة بن صفوان، وأن أصحاب الرس قتلوه وألقوه في البئر، فغضب الله عليهم وغار ماء البئر حتى عطشوا، وتيبست أراضيهم وانقطعت ثمارهم، وأبدل الأنس في ديارهم بوحشة وهلكوا جميعًا.
ومما قيل أيضًا في أصحاب الرس أنهم أنطاكية الذين قاموا بقتل حبيبا النجار والذي هو مؤمن آل يس، وقاموا بطرحه في البئر.
وكما ذكرنا لا يوجد قولٌ ثابت في قصة أصحاب الرس أو قول متفق عليه بين العلماء يمكننا اعتماده.
كانت هذه أهم آراء التي ذكرت في قصة أصحاب الرس وتعيينهم، والمتفق عليه أنهم قوم كذبوا بآيات الله وضلوا عن طريقه، فما كان مصيرهم مختلفًا عن سابق الأقوام الذين سلكوا هذا الطريق، بل أهلكهم الله تعالى جميعًا، وتلك هي نهاية جميع من يشرك الله تعالى صنمًا أو غيره في عبادته.