أجمع جمهور الفقهاء وعلماء الأمة على كيفية صلاة التراويح بأن يتم تأديتها ركعتين ركعتين، فعن ابن عمر -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: “صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى”، لكن الخلاف بينهم دار حول جواز التسليم بعد الانتهاء من كل ركعتين،. ويبدأ وقت صلاة التراويح بعد الانتهاء من أداء سنة العشاء وقبل صلاة الوتر حتى آذان الفجر الثاني.
تعتبر صلاة التراويح من السنن التي تتبع الفريضة، فلا يجوز صلاتها قبل العشاء ومن صلاها قبلها وجب الإعادة، ولا يجوز أن تصلى بعد الفجر، لانتهاء ميعادها، والأفضل القيام بها بعد السنة، لكن تباح صلاتها قبل السنة. ويؤرخ البعض أنها شُرعت في أواخر أيام الهجرة، ولم تنص أي روايات أخرى بأن النبي “صلى الله عليه وسلم” صلاها جماعة بالمسلمين.
ما هي صلاة التراويح
تعتبر صلاة التراويح من الشعائر والنفحات الإسلامية العظيمة التي يؤديها المسلمين في شهر رمضان، وحي من السنن التي شُرعت في أواخر عهد النبي محمد “صلى الله عليه وسلم”، وكانت في بداية الأمر جماعة، ثم خشي النبي “صلى الله عليه وسلم” بعد ذلك من أن تفرض على المسلمين أو يتبعوها كفرض فيرهقوا في صلاتها، فصلى بهم مرتين ولم يخرج لهم في المرة الثالثة، ولما سأله بعض الصحابة عن سبب عدم خروجه “صلى الله عليه وسلم”، قال: “خَشِيتُ أنْ تُفْتَرَضَ علَيْكُم، فَتَعْجِزُوا عَنْهَا، فَتُوُفِّيَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والأمْرُ علَى ذلكَ“
صلاة التراويح سنة مؤكدة عن النبي “صلى الله عليه وسلم” وقد وردت الكثير من الأحاديث التي تؤكد فضلها وأهميتها، فعن النبي “صلى الله عليه وسلم”، قال: “رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُرَغِّبُ في قِيَامِ رَمَضَانَ مِن غيرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ فيه بعَزِيمَةٍ، فيَقولُ: مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ”
صلاة التراويح سنة مؤكدة عن النبي “صلى الله عليه وسلم”، فعَنْ أبِـي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أنَّ رَسُولَ الله “صلى الله عليه وسلم”، قَالَ: “مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، وَعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِـينَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا: “أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم صَلَّى ذَاتَ لَـيْلَةٍ فِي المَسْجِدِ، فَصَلَّى بِصَلاَتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنَ القَابِلَةِ فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَـمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: «قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ، وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ»؛ وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ، وَعَنها أيضًا رَضِيَ اللهُ عَنْـهَا قالتْ: “كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم إِذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأحْيَا لَيْلَهُ، وَأيْقَظَ أهْلَهُ”
جرت السنة بأن تصلى صلاة التراويح بشكل منفرد واستمروا على ذلك حتى بعد وفاة النبي محمد ” صلى الله عليه وسلم”، وفي عهد أمير المؤمنين “عمر بن الخطاب” تم جمع المسلمين بصلاة التراويح وصلوها جماعة، حيث رأى أن الكثير من المسلمين لا يحسن القراءة أثناء الصلاة، فجمعهم على إمام، ثم بعد ذلك صلاها المسلمون جماعة.
كيفية صلاة التراويح بالتفصيل
أجمع جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة بأن صلاة التراويح تكمن في 20 ركعة، بالإضافة إلى صلاة الوتر، وتؤدى صلاة الوتر بثلاث ركعات، وتصلى التراويح مقسمة إلى ركعتين ركعتين ويتم التسليم بعد كل ركعتين.
تأتي صلاة التراويح بأكثر من ثمان ركعات، فالترويحة الواحدة تكون بعد أربع ركعات، ويلزم أن تكون ترويحتين بعد اثنتي عشر ركعة بدون الوتر، وثلاثة وعشرون ركعة بالوتر، ويخالف بعض الجمهور من الملائكة هذا الرأي ويقولون بأن صلاة التراويح تصلى بست وثلاثون ركعة، وبشأن ثمان ركعات فهذا الأمر لم تعرفه الأمة إلا في هذا الزمن، ويرجع ذلك الخلاف إلى الفهم الخطأ للسنة النبوية والعجز عن الجمع بين الأحاديث.
تختلف صلاة التراويح عن الصلوات الأخرى لما لها من فضل عظيم، فيستقبل المسلم القبلة وهو على متوضئاً، ويكبر بتكبيرة الإحرام، ثم يضع يده اليمنى على اليسرى ويتلوا دعاء الاستفتاح سراً، ويقرأ الفاتحة في كل ركعة وما يتيسر له من القرآن.
كيفية صلاة التراويح في البيت بالمصحف
تصلى التراويح بالبيت عن طريق قراءة القرآن الكريم بالمصحف الشريف عن طريق:
- في البداية يتم أداء صلاة العشاء بأربع ركعات ثم ركعتي سنة.
- يتم وضع المصحف أمام المصلي ومن الأفضل أن يوضع المصحف على حامل.
- يبدأ المصلي بصلاة التراويح المحدد عدد ركعتها بأربع ركعات أو ست ركعات أو ثمانية ركعات، على حسب قدر واستطاعة المسلم.
- يبدأ المسلم بركعتين وفي كل ركعتين تقرأ الفاتحة وما يتيسر من القرآن.
- يعد الانتهاء من أول ركعتين، يبدأ بالركعتين التاليتين.
- يختم المصلي صلاة التراويح بركعتي الشفع ويقرأ دعاء صلاة التراويح.
كيفية صلاة التراويح للنساء في البيت
تعتبر صلاة المرأة في بيتها سواء الفرض أو السنة أفضل من ذهابها إلى المسجد، ويجري هذا الأمر على صلاة التراويح، حيث تصلي المرأة صلاة التراويح في بيتها بحسب استطاعتها وما يتيسر لها، بشرط أن تراعي السنة، ويمكنها الإطالة في الصلاة إذا كانت حافظة لكتاب الله.
تصلي المرأة التراويح بالبيت بإحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة، وتمون مثنى مثنى أي ركعتين ركعتين، ثم صلاة الوتر، وإذا كانت غير حافظة لكتاب الله يمكنها أن تصلي بقدر استطاعتها ثم تأتي بركعة وتر.
لا حرج على المرأة أن تضع المصحف على حامل وتقرأ منه أثناء صلاة التراويح، فلا يشترط أن تكون المرأة حافظة لكتاب الله حتى تأتي بصلاة التراويح، وكذلك الأمر بالنسبة للرجل لا يشترط أن يكون حافظاً لكتاب الله حتى يؤدي صلاة التراويح، لكن عليه أن يؤديها جماعة بالمسجد.
لا يوجد حرج على المرأة أن تصلي التراويح بالمسجد إذا كان ذلك ينشطها بالصلاة الطويلة، ويعينها على الوتر والمحافظة على قراءة القرآن، ولكن تبقى صلاتها بالبيت سواء فرض أو نافلة أفضل لها من الذهاب للمسجد.
دعاء صلاة التراويح مكتوب
بعد الانتهاء من صلاة التراويح والقنوت فيها، يدعي المسلم لربه، فيكون العبد أقرب لربه ويستجيب له ويحقق له ما يريد، ومن ضمن أدعية صلاة التراويح، ما يلي:
“اللهم أني أسألك من الخير كله عاجله وأجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وأجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل”.
“اللهم أني أسألك من خير ما سألك به نبيك محمد، وأعوذ بك من شر ما استعاذ به نبيك عليه الصلاة والسلام، أنت المستعان، وعليك البلاغ، يا ذا الجلال والإكرام، ولا حول ولا قوة إلا بالله”
“رب أعني ولا تعن علي، وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر علي، واهدني ويسر لي الهدى، وانصرني على من بغى علي، واجعلني شاكرا ذاكرا لك، واغسل حوبتي، وأجب دعوتي، وثبت حجتي، وسدد لساني، وأسالك اللهم سخيمة قلبي”.
ويمكن تحميل دعاء صلاة التراويح عبر الرابط
كيفية صلاة التراويح والقيام في العشر الأواخر
يجب على المسلم أن يغتنم العشر الأواخر من شهر رمضان بالصلاة والتهجد والتقرب إلى الله عز وجل اقتداء بالنبي محمد “صلى الله عليه وسلم”، حيث روى عن أم المؤمنين السيدة عائشة -رضي الله عنها- عن فعله في العشر الأواخر؛ فقالت: “كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا دَخَلَ العَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئْزَرَ“
يبدأ وقت التهجد من بعد صلاة العشاء حتى موعد صلاة الفجر، ويفضل الصلاة في الثلث الأخير من الليل أي في جوف الليل، حيث ينزل الله عز وجل إلى سابع سموات ويستجيب لنداء عبده ومناجاته، ومن فوائد النوافل والتهجد في العشرة أيام الأواخر التقرب إلى الله وتعظيم شعائر الإسلام والشعور بالنفحات الربانية، ولا يوجد عدد محدد للنوافل التي يمكن أن يصليها العبد، بل يجتهد ويكثر في الصلاة بقدر استطاعته، وتوجد بعض الروايات التي تنص على أن النبي “صلى الله عليه وسلم” كان يصليها إحدى عشرة ركعة.
يجب على المسلم أم يتوضأ ويحسن وضوء وأن تكون نيته صافية وخالصة لله عز وجل، ويفتتح الصلاة بركعتين خفيفتين، مثنى مثنى كما ثُبت عن النبي “صلى الله عليه وسلم”، كما يفضل أن يوقظ المسلم جميع أهل بيته وأن يطيل في ركوعه ويسترسل في الدعاء ومناجاة الله عز وجل وأن يجهر بالقراءة حتى لا يغلب عليه النعاس، ثم يختم صلاته بالوتر.
كم عدد ركعات صلاة التراويح؟
تضمن صلاة التراويح أكثر من ثمان ركعات، وتبدأ الترويحة الواحدة بعد أربع ركعات، فإذا كانت ترويحتين يلزم أن يكون عدد الركعات اثنتي عشرة ركعة، وأجمع فقهاء الأمة على أن عدد ركعات صلاة التراويح عشرون ركعة بالإضافة إلى الوتر، وهي سنة مؤكدة وليست واجبة، فمن أتى بها نال أجراً عظيماً لما لها من فضل كبير خاصة أنها بشهر عظيم وهو شهر رمضان المبارك، ومن تركها فقد فاته الأجر والثواب، ومن زاد على عدد ركعتها فلا حرج عليه.
ما هو أقل عدد ركعات صلاة التراويح؟
لم تحدد السنة عدد صلوات التراويح بشكل جامع، ولكنها أكدت على أن تقام هذه الصلاة بطريقة مثنى مثنى أي ركعتين ركعتين، وأن يصلي المسلم بقدر استطاعته، فهي سنة مؤكدة وليست فرضاً على المسلمين، ولكن القيام بها له أجر وفضل عظيم.
هل يجوز صلاة ركعتين من التراويح؟
ورد عن دار الإفتاء المصرية أن من قام صلاة التراويح بركعتين فقط فيأخذ أجر قيام الليل وليس سنة التراويح، فأقل عدد لصلاة التراويح هو ثمان ركعات بالإضافة إلى ثلاث ركعات وتر، وهناك العديد من الآراء حول عدد ركعات صلاة التراويح، وما أجمع عليه أهل السنة والفقهاء هو عشرون ركعة للتراويح ، ويأخذ المسلم الأجر والثواب بقدر الصلوات التي أتى بها، فإن قام ركعات أكثر من عشرين ثاب على قدرهم وإن قام بأقل من عشرين ثاب على قدرهم أيضاً.
نختم قولنا، بأن صلاة التراويح من السنن المؤكدة التي وردت على النبي “صلى الله عليه وسلم” والتي يؤديها المسلم مثنى مثنى، لما لها من فضل كبير وجليل بالنفوس.