محتويات
المقدمة:-
الكثير من الناس بمجرد دخول إجازات الصيف يعزم على السفر ويشد الرحال إليه، وهم في مقاصد سفرهم مختلفون، فمن الناس من يسافر لغرض التنزه أو السياحة ومنهم من يسافر لصلة أرحامه وزيارة أهله الذي ربما مر عليه زمنٌ دون مقابلتهم والاستئناس بالجلوس معهم، ومنهم من يسافر لطلب العلم أو التجارة، فمقاصد الناس في السفر مختلفة، والمهم فيها ألا تكون لغرض ارتكاب حرم أو تحصيل شهوةٍ لا تحل.
ومن رحمة ديننا الإسلامي أنه يمكننا تحويل أغلب عادتنا وأفعالنا الحياتية إلى عباداتٍ أو أبوابٍ للكثير من الطاعات والحسنات، فالسفر له الكثير من الأحكام والآداب التي شرعها الإسلام والتي لو أخذ العبد بها يكتب الله له نصيبًا من الحسنات، ويكون في سفره ذاك مهتديًا بخطى محمد صلى الله عليه وسلم.
وفي هذه المقال نعرض لكم الآداب التي تعتري خطوة السفر سواءً كانت قبله أو أثنائه، ونسأل الله أن ينفعكم بها
ما هي أهم آداب السفر؟
1- الاستخارة
فيستحب لمن قرر السفر أن يستخير الله تعالى أولًا في قراره، والاستخارة مشروعة للسفر وغيره، وهم ما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم، وصيغة دعاء الاستحارة مذكورٍ في حديثٍ روي عن الحبيب صلى الله عليه وسلم حيث قال: ” إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلِ اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِى في دِينِى وَمَعَاشِى وَعَاقِبَةِ أَمْرِى – أو قَالَ عَاجِلِ أَمْرِى وَآجِلِهِ – فَاقْدُرْهُ لِى وَيَسِّرْهُ لِى ثُمَّ بَارِكْ لِى فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِى في دِينِى وَمَعَاشِى وَعَاقِبَةِ أَمْرِى – أو قَالَ في عَاجِلِ أَمْرِى وَآجِلِهِ – فَاصْرِفْهُ عَنِّى وَاصْرِفْنِى عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِى الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ أَرْضِنِى – قَالَ – وَيُسَمِّى حَاجَتَهُ”
2- استئذان الوالدين
فمن آداب السفر أيضًا أن يستأذن المرء والداه في قراره ذلك، ودليل ذلك موقف ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جاء له رجلٌ يستأذنه في الجهاد، حيث روي أنه جَاءَ رَجُلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فَاسْتَأْذَنَهُ في الْجِهَادِ فَقَالَ: «أَحَيٌّ وَالِدَاكَ»؟، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: “فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ”
وقد استدل العلماء بهذا الحديث على ضرورة استئذان المرء لوالديه قبل السفر، لأنه إذا وجب ذلك في الجهاد مع عظيم فضله، فالسفر أولى.
3- رد جميع المظالم والحقول إلى أهلها
إذا هممت بالسفر فعليك قبل ذلك أ، ترد جميع الحقوق التي عليك إلى أهلها أولًا، فحقوق العباد من الأمور التي لا تجبر إلا بردها إلى أصحابها.
4- كتابة الوصية قبل السفر
إذا كان لديك ما توصى به فمن السنة أن تكتبه قبل شروعك في السفر، فذلك هو هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
5- تفقد أحوال الوسيلة التي ستسافر بها
احرص على استيفاء أسباب سلامتك في الوسيلة التي ستسافر بها ما دام ذلك ممكنًا بالنسبة لك، وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” اتَّقُوا اللَّهَ في هَذِهِ الْبَهَائِمِ الْمُعْجَمَةِ فَارْكَبُوهَا وَكُلُوهَا صَالِحَةً”
6- توديع الأهل واغتنام دعاءهم
احرص على أن تودع أهلك وأخوانك وأحباباك قبل السفر، واغتنم تلك الأدعية التي سيودعونك بها، ودليل ذلك فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، فعَنْ قَزَعَةَ قَالَ: قَالَ لِى ابْنُ عُمَرَ: هَلُمَّ أُوَدِّعْكَ كَمَا وَدَّعَنِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ”
وكان الرسول صلى الله عليه سلم يودع جيوش المسلمين بهذا الدعاء.
7- حاول أن تسافر في يوم الخميس إذا كان ذلك الأمر في استطاعتك
حاول أن تسافر في يوم الخميس إذا كان ذلك الأمر في استطاعتك، وذلك اقتداءً بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال كعب بن مالك: لقلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إلا في يوم الخميس.
8- احرص على ألا تسافر وحدك
حيث هى النبي صلى الله عليه وسلم عن السفر وحيدًا، وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَافِى الْوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ”
9- قول دعاء السفر
من آداب السفر أن دعوا الله بدعاء السفر عند ركوب الوسيلة التي ستسافر بها، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إلى سَفَرٍ كَبَّرَ ثَلاَثًا ثُمَّ قَالَ: «سُبْحَانَ الذي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إلى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ في سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ اللَّهُمَّ أنت الصَّاحِبُ في السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ في الأَهْلِ اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ في الْمَالِ وَالأَهْلِ ». وَإِذَا رَجَعَ قَالَهُنَّ. وَزَادَ فِيهِنَّ «آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ”
10- إذا كان المسافرون معًا ثلاثةً فأكثر،
فمن المستحب أن يأمروا واحدًا منهم عليهم، لما في ذلك من تفادي الخلافات والحرص على انتظام أمورهم وسيرها بشكل هادئ، وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمِّروا أحدهم”
11- يستحب للمسافر أن يكثر من الدعاء له ولأحبابه
يستحب للمسافر أن يكثر من الدعاء له ولأحبابه، فدعوة المسافر مستجابة
12- من المستحب أيضًا للمسافر أن يكبر عند الصعود
ويسبح عند الهبوط، وذلك لحديث جابر رضي الله عنه : ” كنا إذا صعدنا كبرنا، وإذا نزلنا سبَّحنا”
13- التعجيل بالعودة للأهل
إذا لم يصطحب المسافر أهله معه فيستحب في حقه أن يعجل بقضاء حاجاته من السفر من ثم يعود لأهله، لماروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” فإذا قضى أحدكم نهمته من سفره فليعجل إلى أهله”
14- صلاة ركعتين في المسجد حين العودة من السفر
من السنة للمسافر حين وصوله من السفر، أن يصلي ركعتين في المسجد، وذلك لما رواه كعب بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين.
15- يكره للمسافر أن يعود لأهله ليلًا ودليل ذلك حديث جابر
رضي الله عنه “نهى رسول الله أن يطرق الرجل أهله ليلاً” وعند مسلم: ” إذا قدم أحدكم ليلاً فلا يأتين أهله طروقاً حتى تستحد المغيبة، وتمتشط الشعثة”
16- صلاة التطوع في السفر
من السنن المهجورة أن يصلى المسافر صلاة تطوع أثناء سفره في الوسيلة التي يسافر بها.
17- إذا اضطر المسافر للتوقف والاستراحة ليلًا فمن أداب السفر
أن يبتعد عن الطريق، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ” إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حظها من الأرض، وإذا سافرتم في السنَة فبادروا بها نقيها، وإذا عرستم فاجتنبوا الطريق، فإنها طرق الدواب ومأوى الهوام بالليل”
ومعنى عرستم: ((المعرس: الذي يسير نهاره ويعرس أي ينزل أول الليل، وقيل: التعريس النزول في آخر الليل))
النهاية
نهايةً، إذا نويت السفر فاحرص ألا يكون سفرك هذا لأي غرض فيه معصية لله عز وجل، وبادر بالتوبة من ذنوبك فلا يدري أحدنا ما يحدث له عند خروجه لطريق السفر، وتسلح بتلك الآداب والسنن التي خصصتها الشريعة للسفر حتى يكون مقصدك طيبًا مباركًا بإذن الله تعالى.