أفضل نصائح للمبتدئين في القراءة
المقدمة
لا خلاف أن الكتاب أفضل رفيق للإنسان خلال رحلته في الحياة، وأن القراءة هي البوابة الحقيقية للعلوم المختلفة وهي الطريقة السهلة للسفر عبر الأزمان والتنقل بين البلدان المختلفة دون الحاجة لطائرة وتكاليف طائلة. يمكنك مثلًا الذهاب في رحلة تاريخية إلى العصور الأوروبية الوسطى وربما شرب الشاي الإنجليزي في انجلترا وأنت في غرفتك على سريرك، أو الذهاب إلى اليونان القديمة ومجالسة أرسطو في جلسة تأمل فلسفية، أو يمكنك الذهاب في رحلة خيالية لمركز الأرض. فالقراءة تفتح لك آفاقا ومجالات جديدة واسعة ولا يخفى على أي منا فوائدها العديدة، وفي هذا المقال سنعرض لكم بعض النصائح لمساعدة المبتدأين في القراءة للوصول لأقصى استفادة.
قبل البدء في سرد النصائح يجب الالتفات إلى بعض من فوائد القراءة:
– للقراءة دور كبير على ربط الأمور والمواضيع بعضها ببعض وتكوين حصيلة معرفية واسعة على المدى الطويل، حيث أنها تقوم بتكوين مراجع في العقل لعدة علوم أو أقسام تخزن في الذاكرة طويلة المدى وعند احتياج الفرد لإحدى هذه المعلومات لربط أو استنتاج جزء آخر في كتاب آخر يجد هذه المعلومة حاضرة في ذهنه بل يتم ربطها تلقائيًا.
– تقوية الوصلات العصبية وتحفيز الدماغ لأداء مهامه بشكل أفضل حيث أنها تقوي القدرات العقلية التحليلية وكذا تنمي قدرة التخيل عن الأطفال وخاصة اليافعين منهم.
– تقوية الذاكرة وزيادة التركيز، فالعقل خلال القراءة يقوم بعدة عمليات في آن واحد كالتخيل ومحاولة محاكاة وصف المكان أو الرائحة أو الشعور، والانتباه للأسماء وحفظها وربط الأحداث والمفاهيم وتتبع السياق وغيره من المجهود الذي يحفز الذاكرة على العمل والعقل على الانتباه.
– زيادة قدرة المرء الابتكارية والتفكير الإبداعي نتيجة لزيادة عمل العقل واستجابته للمثيرات وتحفيزه المستمر وتعرضه للثقافات المختلفة والأفكار الجديدة مما يكون في ذاكرة الفرد مكتبة من الأفكار تمكنه من ربط عده أفكار ببعضها وابتكار فكرة جديدة إبداعية أو إلهامه بفكرة جديدة لم توجد من قبل.
– توسيع المدارك، وهي مما لا يخفى عن أحد من فوائد القراءة، فأنت تقرأ ثقافات الأمم الأخرى وتطلع عليها وعلى عاداتها وحضارتها ونشأتها، وتقرأ في العلوم الأخرى وتتطلع عليها، وتقرأ في الخيال فتنمي قدرة التخيل عندك
– تعمل القراءة أيضًا على تطوير شخصية الإنسان وتحسين مستوى وطريقة تفكيره، كذلك التحسين من مهارات التواصل مع العالم الخارجي والآخرين نتيجة لازدياد حصيلته اللغوية وقوة مهارة التعبير لديه والقدرة على استحضار الجمل والكلمات المناسبة الفعالة في هذا الموقف وإكسابه النظرة التقديرية للمواقف والأشخاص.
– هل هناك ما هو أفضل من استثمار الوقت في التعلم؟ لا أعتقد، القراءة هي أفضل وسيلة لاستثمار الوقت والقضاء على الملل الذي قد يسبب الاكتئاب والقلق والشعور بالوحدة والفراغ وهي أحاسيس قتالة تقيد الإنسان وتقضي على إنتاجيته وتمنعه من التقدم وتطوير نفسه وذاته.
بعد هذا العرض السريع لبعض فوائد القراءة نعرض لكم نصائح خاصة بالمبتدئين في مجال القراءة:
أولا إذا كنت تجد أن قراءة الكتب مملة وثقيلة ولا يمكنك إكمال صفحة واحدة دون النوم أو الشعور بالثقل مما يتسبب في عزوفك عن القراءة فعليك أن تعلم أن كل علم يحتاج إلى الصبر والممارسة والقراءة علم بل أصل العلوم ولتعلم أي علم تحتاج اكتساب مهارة الصبر، ولعل السبب في هذا ليس كون القراءة لا تناسبك وإنما في الطريقة التي تتبعها في انتهاج القراءة، هاك بعض النصائح التي ستساعدك بلا شك في البدء بممارسة القراءة كرياضة يوميًا:
- إذا كنت مبتدئًا، فلا تبدأ أبدًأ بالكتب العلمية الدسمة وخاصة القديمة منها أو ما يعود للتراث، حيث أنها تحتاج إلى صبر طويل وحصيلة لغوية كبيرة، كما أن بعضها قد يحتاج إلى كتب شارحة أو معلم يشرحها لك، فالبدء في ممارسة القراءة بمثل هذه الكتب كمن يبدأ دراسة الهندسة بالتطبيق العملي.
وعوضًا عن ذلك يمكنك اختيار الروايات الشيقة والممتعة التي تجذبك وتشد انتباهك لها، يمكنك البدء بالروايات البوليسية أو سلاسل الغموض والمغامرة وإذا أردت ترشيحًا شيقًا فاتجه إلى سلاسل د. أحمد خالد توفيق مثل فانتازيا وما وراء الطبيعة. - ضع حدًا أدني وحدًا أقصى لعدد الصفحات التي تود قرأتها في المرة الواحدة، واجعله قابلًا للتغيير حسب تقدمك، أيضًا يجب عليك مراعاة كون هذا الحد واقعي ومناسب لمستواك فلا تضح حدًا أدنى خمسون صفحة في المرة الواحدة بينما لا يمكنك إكمال صفحة دون أن تتثاءب، ولكن فلتكن خمسة صفحات في البداية ثم قم بزيادتها تدريجيًا حين تشعر أنها لم تعد تكفيك وأنك متعطش للزيادة.
- كتاب واحد يُقرأ بعناية وفهم خير من عشرة كتب قُرأت بإهمال، اختر كتابًا يعجبك في مجال أنت مهتم به واعكف عليه واستخرج منه كل ما ينفعك، انتبه جيدًا لما فيه من المعاني والألفاظ والتعابير والحكم وغيرها، واستعن بورقة وقلم وربما بعض أقلام التظليل الملونة إذا كنت ممكن يحبون التخطيط وكتابة الملحوظات.
- اختر مكانًا هادئًا ومريحًا واحذر القراءة وأنت مضجع أو متكئ ستنام بالتأكيد في النهاية أو ربما بعد صفحة واحدة، فالقراءة تساعد على تهدئة العقل من التفكير الزائد واسترخاءه وادخاله في حالة سكينة واستقرار خاصة إذا كنت تقرأ رواية هادئة وحالمة.
- اقرأ ما في مكتبتك أولًا، لا تبتع آلاف الكتب وأنت لم تقرأ الكتابين الموضوعان فوق مكتبك، زيادة عدد الكتب سيزيد من حيرتك وتشتتك وستقضي أغلب الوقت تقرر أي كتاب تبدأ به حتى يغلب عليك النوم أو ينتهي الوقت، انهي الكتب المتوافرة لديك ثم اشرع في شراء غيرها.
- لا تقرأ عدة كتب في نفس الوقت، ستشتت نفسك ولن تخرج بفائدة من أي منها، اختر فنًا أو مجالًا اقرأ فيه ثم حين تنتهي منه ابحث عن مجال غيره تنجذب إليه نفسك واشرع في القراءة فيه.
- اختر شريكًا لك في القراءة، سيحفزك هذا على إنها الجزء المحدد أو الكتاب حتى تتناقش معه في ما توصلت إليه، وربما إذا كنت ممن يحفزهم التنافس فتجد حافزًا أكبر لإنهاء الكتاب في وقت أقل مما تأخذه في المعتاد.
- اكتب أو سجل ملخصات للكتب التي تقرأها ثم قم بتجميعها في مجلد أو دفتر وقم بالرجوع إليها كل فترة لترى ما أنجزته فتتحفز للاستمرار والاستزادة، سينفعك هذا أيضًا في لحظات الفتور والملل والرغبة في التوقف.
- انضم للمواقع والمنتديات الخاصة بالقراء فهذه ستوفر لك مجتمعًا ووسطا مشابهًا لك يمتلك الأهداف التي تمتلكها، كما ستجد عددا وفيرًا من المراجعات على الكتب والملخصات والترشيحات، وسيسهل عليك إيجاد رفقاء للكتب وللقراءة.
- تمرن على مهارة القراءة السريعة سيوفر هذا عليك تحديد ما إذا كان هذا الكتاب مناسبًا لك أن لا، يمكنك في البداية قراءة الملخص الموجود في نهاية الكتاب من الخلف، أو إلقاء نظرة سريعة على فهرس الكتاب والنظر إلى الموضوعات لكن هذا لا يفي بالغرض دائمًا ففي بعض الأحيان تكون العناوين مثيرة للانتباه لكن المحتوى ليس كذلك، حينها تحتاج إلى مهارة القراءة السريعة، وهناك تطبيق يمكنك الحصول عليه من متجر جوجل عبارة عن تدريبات على قراءة 400 كلمة في أقل وقت.
- واخيرًا كن صبورًا، لا شيء يتحقق بلا صبر فلا تتوقع أنك بين عشية وضحاها ستصبح قارئًا نهمًا يمتلك في عقله آلاف الكتب والمراجع، لكنك ستحتاج إلى الممارسة والتدريب والصبر والمجاهدة وتصاب بالملل تارة والإحباط أخرى فلا تستسلم بعد أول عقبة.
ختامًا لا أزيد عن قول المتنبي عن القراءة:
أَعَزُّ مَكانٍ في الدُنَى سَرجُ سابِحٍ … وخَيرُ جَليسٍ في الزَمانِ كتابُ