العمل والإنسان
خلق الله الإنسان، وجعل العمل المباح وسيلته في كسب الرزق، فمن خلال هذه الأعمال يتسبب الإنسان
في إحداث منفعة لرب العمل، ومقابل هذه المنفعة يقوم رب العمل بإعطائه مبلغًا من المال لِقاء جهده المبذول
في تحقيق هذه المنفعة، ويكون الإنسان قادرًا على القيام بالأعمال المختلفة بعد الحصول على المعرفة
الأكاديمية المتخصصة، والتي يتم تحويلها إلى واقع عملي، أو من خلال الخبرة العملية التي في الغالب تكون على
شكل حرف يدوية مختلفة، ويعد إتقان العمل وإنجازه على النحو المطلوب من أهم الأشياء التي يجب أن يراعيها
مؤديًا هذه الأعمال، وفي هذا المقال سيتم تناول معلومات عن أهمية إتقان العمل, عَنْ أَنَسٍ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ، أَوْ إِنْسَانٌ، أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ).
فضل العمل الصالح
ورد في العمل الصالح العديد من الأحاديث النبوية عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم التي تحث
المسلمين على العمل به، منها:
- عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول:
” إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله
ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه”. - يتضح من هذا الحديث النبوي أن العمل الصالح، هو كل ما يقوم الإنسان بفعله عن قصد من نية قلبه، وإرادته، وميله، وقول
لسانه وجميع أفعال جوارحه .
أحاديث عن إتقان العمل
أيضاً، هناك
الكثير من الأحاديث النبوية الواردة في فضل إتقان العمل، ومن هذه الأحاديث ما يلي:
حديثُ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: (إِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ، فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ
شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ) وموضعُ الاستدلال هنا أنَّ على العبدِ إتقانُ العملِ الذي يقومُ بهِ، حتى وإن كانَ في القتلِ أو
الذبحِ، فمن باب أولى باقي الأعمال الأخرى.
- قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: (إن الْعَبْدُ إِذَا نَصَحَ لِسَيِّدِهِ وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ اللَّهِ، فَلَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ). فالقيامَ بالعملِ
على أتمِّ وجهٍ عبادة تُضاعِفُ الأجرَ، ولم يُقصد بهذا الحديث العبد فقط بنصحه وإتمام عمله، وإنما هو ينطبقُ على
جميعِ الأعمالِ، وعلى كلِ من وُلِّيَ أمراً من أمورِ المسلمين، فالعبرةُ بعمومِ اللفظِ لا بخصوصِ السببِ - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ، فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ
شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ). - قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: (إن الْعَبْدُ إِذَا نَصَحَ لِسَيِّدِهِ وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ اللَّهِ، فَلَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ).
- قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: فَيَعْمَلُ بِيَدَيْهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ، قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قَالَ: فَيُعِينُ ذَا الحَاجَةِ المَلْهُوفَ، قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قَالَ: فَيَأْمُرُ بِالخَيْرِ،أَوْ قَالَ: بِالْمَعْرُوفِ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قَالَ: فَيُمْسِكُ عَنِ الشَّرِّ فَإِنَّهُ لَهُ صَدَقَةٌ).
- عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلا أَنْ يُتْقِنَه).
شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَصْلَتَيْنِ، قَالَ: ( إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ. - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كُلُّكُم راعٍ وكُلُّكُم مسؤولٌ عن رعيتهِ)
يتضح من هذه الأحاديث أنّ إتقان العمل واجبٌ على كل موظفٍ مهما كانت وظيفتهُ؛ فالحاكمُ عليهِ إتقانُ عملهِ، والرجلُ في بيتهِ مسؤولٌ عن بيتهِ ورعايتهِ رعايةً سليمةً، وكذلك الزوجةُ فهي راعيةٌ في مالِ زوجها، وعليها صونُ الأمانةِ التي كُلّفت بحملها، وإتقانُ العملِ الذي وُكِّل إليها من حفظٍ البيت الزوجيةِ ورعاية لِصغارها وتربيتهم، تربيةً سليمةً تُسألُ عنها أمامَ اللهِ عز وجل
حكمة عن إتقان العمل
هناك الكثير من الحكم المشهورة عن إتقان العمل والتي منها: لا يكفي أن تصنع خبزاً، عليك أن تحسن صنعه.
لا تطلب سرعة العمل، بل تجويده؛ لأن الناس لا يسألونك في كم فرغت منه، بل ينظرون إلى إتقانه، وجودة صنعه.
إن الإنسان الذي يمكنه إتقان الصبر، يمكنه إتقان أي شيء آخر.
إتقان العمل في الإسلام
حث الإسلام على إتقان العمل في كثير من الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية؛ وذلك لأنه يعد وسيلة من وسائل الرزق الحلال، كما أنه يعتبر من العبادات الخالصة لله تعالى؛ لذلك نجد الإسلام يدعو المسلمين إلى النشاط والهمة، والانطلاق إلى أعمالهم، ويحذرهم من الفتور والكسل.
بالإضافة إلى ذلك، فقد عد الإسلام إتقان العمل فريضة من الفرائض الواجبة على المسلم؛ وذلك حتى يعلم المسلم أن يجب أن يتقن عمله مهما صغر، ولا يستهان به. ومن هنا يتضح، أنه يجب على العبد أن يعقد النية، ويجعلها خالصة لوجه الله تعالى، ثم يجاهد نفسه، ويقبل على عمله؛ حتى يتقنه بأمانة وإخلاص.
وبذلك، فإن الإسلام يرى أنه يجب على العبد أن يستشعر مراقبة الله له في كل عمل يقوم به؛ حتى يؤدي العمل على أكمل وجه، وأحسن حال؛ لأن الإسلام يرى أن إتقان العمل عبادة والدليل على ذلك حديث أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ، أَوْ إِنْسَانٌ، أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ” .
حديث عن العمل باليد
ورد في الحث على العمل باليد عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم منها:
- قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ” ما أكل العبد طعاماً أحب إلى الله من كدِّ يَدِهِ ومن بات كالاً من عمله بات مغفوراً له ” .
- وعن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لأن يحتطب أحدكم حُزمة على ظهره، خير له من أن يسأل أحداً، فَليعطيه أو يمنعهُ” متفق عليه.
- كذلك من الأحاديث النبوية التي تحث على العمل باليد حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: ” كان داود عليه السلام لا يأكل إلا من عمل يده” رواه البخاري .
إلى غير ذلك من الأحاديث النبوية التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم تحذر المسلمين من التكاسل، وَتحثهم على العمل بأيديهم؛ حتى يأكلوا من الحلال .
أهمية إتقان العمل
روى أَبو مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: فَيَعْمَلُ بِيَدَيْهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ، قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قَالَ: فَيُعِينُ ذَا الحَاجَةِ المَلْهُوفَ، قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قَالَ: فَيَأْمُرُ بِالخَيْرِ، أَوْ قَالَ: بِالْمَعْرُوفِ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قَالَ: فَيُمْسِكُ عَنِ الشَّرِّ فَإِنَّهُ لَهُ صَدَقَةٌ).
ولِإتقان المسلم لعمله فوائد عظيمة بالإضافة إلى الأجر والثواب من الله عزَّ وجلَّ في الآخرة ينال أيضاً التوفيق والنجاح في الدنيا، وإتقانه يدعم نجاح المجتمع الذي يعيش فيه، فيرفع من معدل الإنتاجِ ونوعيته، فيعمُّ الخير والنفعُ جميع المجتمع، وينبغي على المسلم أن يحذر أشد الحذر من أن يقع في الرياء، أو السمعة، أو النفاق، وعليه أن يحاسب نفسه، على كل عمل يقدّمه، ويصدر عنه؛ ذلك أنّ من شعر بمراقبة الله عز وجل له في كل صغيرة وكبيرة أتقن عمله، ونال محبّة الله ومحبة العباد، وعلى المسلم أن يُراقب عمله، فما كان منه خالصاً لله تعالى فليتمّه، وما كان فيه شيء من الرياء فليتركه، وعليه أن يهدف من إتقان عمله رضا الله عزّ وجل، والإخلاص له وحده سبحانه