غزوة الاحزاب في مطلع شوال من السنة الخامسة للهجرة زحفت قريش وغطفان الى المدينة في عشرة الاف مقاتل وبلغ خبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأستشار المسلمين ورجح الرأي بالتحصن بالمدينة وأشار سلمان الفارسي بحفر الخندق لتحصينها وكانت المدينة محاطة بالحرار والنخيل والبنيان من ثلاث جهات فخط رسول الله صلى الله عليه وسلم لحفر الخندق في الجهة المفتوحة لشمالي المدينة وعسكر بالمسلمين عند سفح جبل سلع وقسم مسافة الخندق بينهم فجعل لكل عشرة اربعين ذراعا بدأ المسلمون بحفر الخندق في ظروف صعبة فقد كان السنة جدباء والمؤن شحيحة والوقت شتاء قارسى وشاركهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في العمل فكان ينقل التراب ويرتجز معهم بشعر عبدالله بن رواحة وكانوا يلوذون به في الشدائد فتظهر معجزاته روى البخاري عن جابر قال “كنا يوم الخندق نحفر فعرضت كدية شديدة فجاءوا الى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا هذه كدية عرضت في الخندق فقال انا نازل ثم قام وبطنه معصوب بحجر فأخذ المعول فضرب فعاد كثيبا اهيل” انجز المسلمون حفر الخندق في ستة ايام وكان طوله خمسة آلاف ذراع وعرضه تسعة اذرع وعمقه من سبعة الى عشرة اذرع وصل تجمع المشركين اطراف المدينة فنزلت قريش ومن معها عند مجمع الأسيال وكان قائدهم ابو سفيان بن حرب ونزلت غطفان ومن معها قرب جبل احد وكان قائدهم عيينة بن حصن امر رسول الله صلى الله عليه وسلم بنقل النساء والاطفال والشيوخ الى الاطام وتوزع المسلمون في مجموعات خلف الخندق وكان عددهم ثلاثة الاف رجل وكان مقرهم الرئيسي عند جبل سلع.
بداية غزوة الاحزاب :
غزوة الاحزاب بدأت بتسلل حيي بن اخطب الى بني قريظة يستنهضهم لحرب المسلمين فرفضوا اول الأمر ثم قبلوا بعد إلحاح حيي ونقضوا العهد مع المسلمين وزحف المشركون الى المدينة ففوجئوا بالفندق وساروا على امتداده يبحثون عن تغرة فيه وتابع المسلمون تحركاتهم من الطرف الاخر وحاول بعض فرسان المشركين اجتياز الخندق فردهم المسلمون و تراشق الطرفان بالسهام واستمرت المواجهات عبر الفندق طيلة النهار فلما غربت الشمس عادوا الى معسكراتهم ونظم رسول الله صلى الله عليه وسلم دوريات للحراسة طوال الليل وفي اليوم التالي بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاء حيي بن اخطب بزعماء بني قريظة فأرسل الزبير بن عوام يستطلع الامر فرئاهم يصلحون حصونهم ويمهدون طروقاتهم ويجمعون ماشيتهم وعاد بالخبر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فارسل اليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن عبادة ليذكراهم بالعهد فأساءوا لقاءه وجهروا بنقض العهد فلما تأكد رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيانتهم كبر وقال ابشروا يا معشر المسلمين بنصر الله وعونه وظهرت بوادر غدر اليهود واخذ بعضهم يطوف بالحصون التي وضع فيها المسلمون النساء والاطفال والشيوخ وارجف المرجفون بأن بني قريظة سيغيرون على المسلمين من خلفهم وان بعض الاحزاب سيقتحمون الفندق واشتد البلاء على المسلمين وبلغ الخوف ذروة قال تعالى “إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا (10) هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا(11)” ونجم النفاق وجهر به بعضهم واخذوا يشككون بوعد الله ورسوله بالنصروتداعب بعضهم للانسحاب قال تعالى “وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12)“