القانون الدستوري: مفهوم الدولة
مفهوم الدولة
تطورت فكرة الدولة بتطور المجتمعات الإنسانية، فالدولة بمفهومها الحالي من الأفكار الحديثة التي لم تُعرف إلا بعد حدوث تطور تاريخي طويل.
ويعتبر نظام الزواج أول تنظيم اجتماعي لجأ إليه الإنسان لإشباع رغباته وتكوين أسرة تكون سنداً له، وأفراد كل أسرة يخضعون لرب الأسرة باعتباره حاكمهم، ومع الوقت وزيادة أعداد الأسر ظهرت تنظيمات أخرى هي العشيرة ثم القبيلة، الذين ينحدر أفرادهم من أصل واحد و تربطهم صلة قرابة ويخضعون جميعهم لرئيس العشيرة أو القبيلة فهو بمثابة حاكمهم، وباهتداء الإنسان إلى الزراعة و غيرها من الحرف بدأ التطور يأخذ مجراه، واستقرت كل قبيلة في جزء معين من الأرض، ومع صراع العشائر والقبائل وحاجتهم لتنظيم أشمل بدأت ظهور فكرة الدولة ككيان اجتماعي متشابك، وظهر نوع مختلف من السلطة تنظم المجتمع في شكله الجديد بجميع صراعاته.
و توافرت بذلك الأركان الرئيسية للدولة: شعب، إقليم، سلطة سياسية.
بمقتضي هذا يمكن القول أن الدولة كائن اجتماعي قوامه البشر.
فهي مجموعة من الأفراد استقر بهم الحال في إقليم أو رقعة جغرافية معينة على وجه الدوام، ويخضعون لنظام سياسي يتولى شئونهم في الداخل والخارج.
فهي شخص من أشخاص القانون الدولي العام.
عناصر الدولة
يستنتج مما سبق أن للدولة ثلاث عناصر: شعب و إقليم وسلطة سياسية.
أولاً: الشعب
وهو مجموعة من الأفراد تجمعهم رغبة مشتركة في العيش معاً، بصرف النظر عن وحدة الأصل أو اللغة أو الدين أو غير ذلك، بخلاف مصطلح الأمة وهي مجموعة من الأفراد تجمعهم رغبة العيش معا ولكنهم يتحانسون في اللغة أو الأصل وما إلى ذلك، وليس معنى ذلك اشتراط أن يتوافر في الشعب الوحدة الموجودة في الأمة حتى يتمكن من إقامة دولته فيكفي وجود الرغبة المشتركة في العيش سوياً والشعور بالانتماء، ومن هنا ظهرت فكرة الأمة كأساس في نشأة الدولة.
ولا يوجد حد معين للسكان، ولكن يجب أن يكون عددهم معقولًا، وزيادة عدد السكان يعطي أهمية للدولة في المجتمع الدولي، إلا إن جميع الدول سواء أمام القانون بغض النظر عن أعداد سكانها.
ويعتبر ركن الشعب أهم أركان الدولة، فلا توجد دولة بلا شعب يعيشون في إقليمها ويخضعون لسلطتها.
ثانياً: الإقليم
وهو المساحة الجغرافية التي تستطيع الدولة بسط سيادتها عليها، ويشمل الإقليم المجال البري والجوي والبحري إذا كانت الدولة تقع علي بحر أو غيره.
إذاً يقسم الإقليم إلى:
إقليم أرضي: ويشمل المساحة الواضحة في الأرض، ولا يتوقف عند ذلك بل يمتد ليشمل أعمق نقطة في الأرض بما فيها من معادن وثروات طبيعية، ويشمل أعلى نقطة من المرتفعات الموجودة على أرض هذه الدولة كالجبال وغيرها.
إقليم مائي: ويشمل المساحة المائية الموجودة في إقليم الدولة من بحيرات وأنهار إضافةً إلى أجزاء البحار والمحيطات الملاصقة لحدود الدولة، وهي تعرف بالمياه الإقليمية، وقد اختلف في تحديدها ما بين 3 أميال أو 12 ميل أو أكثر، تبدأ من ساحل الدولة وصولاً أعالي البحار وهي مكان للملاحة البحرية لجميع الدول ولا تمتلكه دولة بعينها.
الإقليم الجوي: يشمل الفضاء الذي يعلو المساحة الارضية والمائية دون التقيد بحد معين في الارتفاع.
وتقوم الدولة بوضع قواعد تنظم الملاحة المائية والجوي داخل إقليمها بما يتفق و سيادتها.
ثالثاً: السلطة السياسية
وهي الهيئة الحاكمة التي توجد بيد حكومة الدولة، لحماية إقليمها البري و البحري والجوي، ووضع القواعد المنظمة للمجتمع الوطني، وهذه الهيئة بمثابة قوة قاهرة تلزم الأفراد باحترام القوانين.
وتمارس الدولة سيادتها داخل حدود إقليمها فقط، وتتميز سيادة الدولة بأنها دائمة ومستمرة باستمرار الدولة حتى لو تغيرت الحكومات.
وتختلف الدولة عن الحكومة فبرغم أنه في الواقع قد يستعمل أحدهما كمرادف للآخر إلا إن مفهوم الدولة أعم من الحكومة، فالحكومة هي جزء من الدولة، وهي الآلية التي تمارس بها الدولة سلطتها في الداخل والخارج، بالإضافة إلى أن الحكومات في طبيعتها مؤقتة خلافاً للدولة التي تتسم بالاستمرار.
نهايةً مفهوم الدولة تعدد ومر بمراحلَ كثيرة كلها تهدف إلى الوصول إلى أقرب صيغة للحقيقة المجردة، فهي في ذاتها فكرة فلسفية مجردة، إضافةً إلى كونها حقيقة سياسية ونظام قانوني، فكونها حقيقة سياسية يرجع إلى أن المجتمع الدولي يتكون من وحدات سياسية تسمى دولًا فهي واقع، أما كونها مفهومًا قانونيًا يظهر في كونها وسيلة لتنظيم العلاقات مع أفراد شعبها ومع غيرها من الدول.
واقرأ أيضًا عن ما هو الدستور؟ لتعرف عن السلطة السياسية أكثر.
هذا ما توصل إليه فريق بحث Dal4you