يُعرف القنات في الصلاة بأنه ما شرع من الدعاء في صلوات معينة، ويكون عبارة عن صيغة دعاء معينة ويشرع المصلي به تحديداً في الركعة الأخيرة من الدعاء، ويرد معنى القنوت في الصلاة في اللغة العربية وفقاً لمعاني عدة، تشتمل على: الدعاء، الصلاة، القيام، السكوت. وقد قال الله تعالى: “وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ” تعبيراً عن عبادة الله عز وجل عبادة خالصة والخشوع والتضرع له بالدعاء، حيث تعتبر العبادات والدعاء قنوتاً.
يعبر القنوت أيضاً عن الصلاة، استناداً إلى قول رسول الله “صلى الله عليه وسلم”: “مَثَلُ المُجَاهِدِ في سَبيلِ اللهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ القَائِمِ القَانِتِ بآيَاتِ اللهِ“. يعبر القنوت عن السكون، وفقاً لقول الله تعالى: “حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ”، وهو دلالة عن القيام، حيث رؤى عن جابر بن عبد الله: “سُئِلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟ قالَ: طُولُ القُنُوتِ”.
اقرأ أيضاً ماهو فضل قيام الليل في استجابة الدعاء
ماذا يعني القنوت في الصلاة
معنى القنوت في الصلاة في اللغة هو الخشوع لله عز وجل وطاعته والتذلل له، ويعرف اصطلاحاً بأنه الدعاء في الصلاة برفع اليدين مقابل الوجه فور الانتهاء من الحمد، ويستحب أن يكون دعاء القنوت في الركعة الثانية من الصلاة، فالقنوت مستحب وليس بواجب في كل الصلوات، كما أنه يمكن أن يؤدى في صلوات بعينها خاصة قيام الليل، فهو من آداب صلاة الليل.
يأتي ورد القنوات في الدعاء بعد صلاة الوتر، وقد ورد عن النبي “صلى الله عليه وسلم” صيغة معينة لدعاء القنوت، فعن الحسن بن علي، إذا رفع الركوع في الركعة الأخيرة التي يوتر بها يقول بعد الركوع، وبعد الذكر المشروع: “ربنا ولك الحمد.. إلى آخره، يقول: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت؛ تباركت ربنا وتعاليت، اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبعفوك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك”.
متى يكون القنوت في الصلاة؟
يشرع دعاء القنوت في كل وتر من كل ليلة، وقد جاء دعاء القنوات في حديث عن النبي “صلى الله عليه وسلم”، حيث رُوِي عن عُروة بن الزبير -رضي الله عنه-: “اللَّهمَّ إيَّاكَ نعبُدُ، ولَكَ نصلِّي ونسجُدُ وإليكَ نسعى ونحفِدُ*، ونرجو رحمتَكَ ربَّنا، ونخافُ عذابَكَ الجِدَّ، إنَّ عذابَكَ لمن عاديتَ مُلحِقٌ“، ورُوِي عن عبدالرحمن بن أبزى أنّه قال: “اللهمَّ إياكَ نعبُدُ ولكَ نُصلِّي ونَسجُدُ وإليكَ نَسْعَى ونَحْفِدُ نرجو رحمتَكَ ونخشى عذابَكَ إنَّ عذابَكَ بالكافرينَ مُلْحِقٌ اللهمَّ إنَّا نستعينُكَ ونستغفرُكَ ونُثْنِي عليكَ الخيرَ ولا نَكْفُرُكَ ونُؤمنُ بكَ ونخضعُ لكَ”
هل يجوز القنوت في جميع الصلوات
يشرع دعاء القنوت في الصلوات الخمس عند القنوت، وقد روي عن ابن عباس “رضي الله عنهما” قَنَتَ الرسول ـ”صلى الله عليه وسلم” في الصلوات الخمس مدة شهر، يدعو على حَيٍّ من بني سليم رعل وذكوان وعصية، لأنهم قتلوا بعض الصحابة الذينَ أرسلهم ليعلموهم. وراه أبو داود وأحمد، كما روى البخاري أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان إذا أراد أن يدعو على أحدٍ أو يدعو لأحدٍ قَنَتَ بعد الركوع”
ويجهر المسلم في صلاته بالقنوت، حيث يقول في بعض صلاته وفي صلاة الفجر: “اللهمَّ الْعَنْ فلانًا وفلانًا” حَيَّيْنِ من أحياء العرب، حتى أنزل الله تعالى: “لَيْسَ لَكَ مِنَ اْلأمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ“
ويمكن القنوت في صلاة الصبح ويشرع هذا عند النوازل مثلما الأمر مع بقية الصلوات، وقد اختلف الفقه حول شروع القنوت في غير النوازل، حيث رأى الحنابلة عدم مشروعيته، استناداً إلى رواية ابن حبان وابن خزيمة وصححه عن أنس: أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان لا يَقْنُتُ في صلاة الصبح إلا إذا دعا لقوم أو دعا عليهم، بينما أجاز المالكية والشافعية بمشروعيته، مستدلين على ذلك بما رواه الجماعة إلا الترمذي أن أنس بن مالك سُئِلَ هل قَنَتَ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في صلاة الصبح؟ فقالك نعم، رواه أحمد والبزَّارُ والدارقطني والبيهقي والحاكم وصححه عن أنس قال: ما زال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقنت في الفجر حتى فَارَقَ الدنيا.
القنوت في الصلاة واجب أم مستحب
لا يعتبر القنوت واجباً بل هو سنة مؤكدة عن النبي محمد “صلى الله عليه وسلم” في صلاة الوتر، وكذلك في صلاة الصبح والفجر، وحكمه سنة في الوتر ويفضل أن يكون بعد الركوع. ولا يتحدد ذكر مخصوص للقنوت، حيث يكفي فيه الأدعية، ومن الأولى أن يجمع فيه المسلم بين حمد الله والصلاة على رسول الله “صلى الله عليه وسلم” وأن يدعو لنفسه وللمؤمنين، كما يجوز قول كلمة آمين في القنوت إذا كان ضمن الأدعية المذكورة، كما يجوز تركه عمداً فهو ليس فرضاً.
دعاء القنوت في الصلاة
تعددت وتمايزت صيغة دعاء القنوت لدى أئمة وفقهاء الدين، حيث ولكنهم أجمعوا على أنه سنة مؤكدة في صلاة الفجر، ومن بين أدعية القنوت الواردة، ما يلي:
أ. دعاء القنوت عند الشافعي رحمه الله: “اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت” روى الشافعي ذلك عن الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم
ب. دعاء القنوت عند أبي حنيفة رحمه الله صيغته : “اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونؤمن بك ونتوكل عليك، ونثني عليك الخير كله نشكرك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إن عذابك الجد بالكفار ملحق “. ويكون في الوتر فقط وعند النوازل والمصائب في الصلوات الخمس، ويكون قبل الركوع من الركعة الأخيرة. ووافق مالك رحمه الله أبا حنيفة في المحل أنه قبل الركوع، ولكن في الصبح وسراً.
ج. دعاء القنوت عن الإمام أحمد رضي الله: “لا يقنت إلاّ في الوتر ولكن بعد الركوع ويرفع يديه. وكذلك عند النوازل. والله تعالى أعلم”.
حكم القنوت في الصلاة
يختلف حكم القنوت في الصلاة وفقاً لرأي الفقهاء، كما يختلف حكمة في الصلوات، ويصلى في صلوات معينة، ومن بين ذلك:
القنوت في صلاة الفجر
يرى الحنفية وجوب القنوت في صلاة الوتر، كما لا يقنت في الفجر ولا غيره إلا في النوازل فقط، حيث يقنت الإمام في صلاة الفجر ويؤمن من خلفه، ولا يقنت المصلي المنفرد في النازلة، ويرى المالكية لا قنوت إلا في صلاة الفجر، ويستحب أن يكون بعد الركوع. أما الشافعية فيروا أن القنوت في صلاة الفجر مستحب، ولا قنوت في الوتر إلا في النصف الأخير من ليل رمضان المبارك، ولا قنوات إلا في النوازل مع باقي الصلوات الأخرى، ويرى الحنابلة أن لا قنوت إلا في الوتر، ويكون القنوت في غيره في النوازل فقط وبعد الركوع.
القنوت في صلاة الصبح
يرى المالكية بوجوب القنوت في صلاة الصبح، ومن يتركه فقد فسدت صلاته، واستدلوا على ذلك بما أخرجه البخاري عن مالك بن الحويرث أن النبي “صلى الله عليه وسلم” قال: “صلوا كما رأيتموني أصلى”، مع ما ثبت من قنوته صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح فيما أخرجه أحمد والدارقطني والبيهقي وصححه ووثق رواته، وضعفه ابن التركماني وابن الجوزي عن أنس قال: «ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا»، وما أخرجه الدارقطني والبيهقي وحسنه الحاكم النيسابوري عن أنس، أن النبي “صلى الله عليه وسلم” لم يزل يقنت في صلاة الصبح حتى فارق الدنيا، وتري بعض الآراء الأخرى أن القنوت في الصلاة سنة مؤكدة وفضيلة وليس واجب.
القنوت في صلاة العشاء
القنوت في الفرائض غير مشروع إلا إذا نزلت بهم نازلة تستدعي القنوت، فيشرع لها كل مصلي في الصلاة بما في ذلك صلاة العشاء، وإذا ذهبت هذه النازلة يمكنه أن يتوقف عن القنوت.
القنوت في صلاة الجمعة
لا يقنت الإمام في صلاة الجمعة، نظراً لأن الخطبة فيها دعاء للمؤمنين، ولكن لو قنت المصلي في صلاة الجمعة لا يعتبر عاصياً، لكن من الأفضل أن يدعو لمن أراد القنوت له في خطبة الجمعة.
أسئلة شائعة عن القنوت في الصلاة
كيف كان قنوت النبي؟
القنوت من السنن والهدى المتبعة عن النبي “صلى الله عليه وسلم” خاصة في وقت الشدائد والنوازل، حيث شرع القنوت والدعاء فيه للمسلمين وللأمة جميعاً، كما شرع فيه الدعاء على الكافرين والظالمين، وكان النبي “صلى الله عليه وسلم” يدعو ويقنت عن كل نازلة بالدعاء المناسب لها، ويترك القنوت بعد زوال الشدة أو النازلة.
وقد ثبت عن النبي “صلى الله عليه وسلم” أنه كان يدعي على الكفار تارة ويدعو لهم تارة أخرى، فكان يدعو عليهم لكثرة شركهم وظلمهم، وكان يدعو لهم بالهداية والرشاد.
كيف يكون قنوت الوتر؟
شرعت المذاهب الأربعة القنوت في صلاة الوتر، فعن عن الحسنِ بن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّه قال:”عَلَّمني رسولُ اللهِ “صلَّى اللهُ عليه وسلَّم” كلماتٍ أقولهنَّ في قُنوتِ الوِترِ: اللهمَّ اهْدِني فيمَن هدَيْت، وعافِني فيمَن عافَيْت، وتولَّني فيمَن تولَّيْت، وباركْ لي فيما أَعطَيْت، وقِني شَرَّ ما قَضَيْت؛ فإنَّك تَقْضِي ولا يُقْضَى عليك، وإنَّه لا يَذلُّ مَن والَيْت، تباركتَ ربَّنا وتَعالَيْت”، ويشرع قول آمين خلف الإمام في صلاة القنوت، ويكون في الركعة الأخيرة من الوتر، كما يجوز قبله.
أخيراً، يعتبر القنوت في الصلاة من السنة المؤكدة وليس من الفرائض، كما يكون في صلاة بعينها وليس في كل الصلوات، وله صيغة دعاء مأثورة.