المسلمون بعد الاحزاب :
السلام عليكم ورحمة الله اجل النبي صلى الله عليه وسلم يهود بني النظير الى خيبر بسبب غدرهم ففكروا في الانتقام من المسلمون ولانهم ليس لديهم الجرأة للقتال بدأوا يخططون بدثائثهم ومكرهم المعتاد فذهب وفد من ساداتهم الى مكة ليقلبو قريشا ويحرضهم على المسلمين فوافقتهم قريش ثم ذهب الوفد الى قبائل غطفان واقناعهم بقتال المسلمين مع قريش ثم طافوا بقبائل العرب يقلبونهم كذلك فوافقوا جميعا واتفقوا على موعد لاجتماع جيوشهم عند المدينة فذهبت قريش وحلفائها من الجنوب وذهبت غطفان وحلفائها من الشرق فعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ولان عدد الاحزاب مجتمعين بلغ عشرة آلاف فإن الحكمة تقتضي عدم مواجهة هذا الجيش الجرار فاستشار النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه فاشار عليه سلمان الفارسي بحفر الخندق ليحول بين الاحزاب والمدينة وكانت المدينة من الناحية الجغرافية محصنة من ثلاث جهات بالحارات والحرة هي صخور بركانية سوداء لا تستطيع الجيوش عبورها لصعوبتها فمن الشرق حرة واقد او حرة بني حارثة ومن الغرب حرة الوبرة ومن الجنوب جبل عير والحرة الجنوبية والبساتين وديار يهود بني قريظة فلم يبق الا الجهة الشمالية المفتوحة والتى سيحفر فيها الفندق فبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه في حفر الخندق وبعد ستة ايام اكتمل الحفر على طول شمال المدينة بين الحرتين فامر عليه الصلاة وسلم بوضع النساء والشيوخ والذراري في الحصون واجتمع عليه الصلاة والسلام في ثلاثة الاف من اصحابه يحرصون الخندق وفي شهر شوال من السنة الخامسة من الهجرة وصلت جموع الاحزاب ووصلت قريش وحلفائها عند مجمع الاسيال بقيادة ابي سفيان ووصلت غطفان واحلفائها عند جبل احد بقيادة عيينة ابن حصن وفوجئوا بالفندق يحول بينهم وبين بونيتهم فقال ابو سفيان ان هذه مكيدة لا تعرفه العرب واخذ المشركون يدورون حول الخندق يبحثون عن اي نقطة ضعف يعبرون منها ولكن اعين المسلمين كانت لهم بالمرصاد عند الاقتراب فلجأوا الى فرض الحصار وفي كل يوم لهم محاولات فقد حاول المشركون ان يردموا بعض صغرات الخندق ليعبروا ولكن المسلمين قاوموهم بقوة حتى ردوهم خائبين وعبر الخندق بعض فرسان قريش من ناحية ضيقة وكان فيهم عمرو بن عبد ود ونوفل ابن عبدالله فبرز لهم علي بن ابي طالب في مواجهة من الصحابة رضوان الله عليهم فقتل علي عمرو وقتل الزبير نوفل وفر الباقون وتراشق الطرفان بالسهام لفترات طويلة وفي هذه الاثناء كانت دسائس اليهود تشتعل في محاولات كثيرة فقد ذهب حيي بن اخطب كبير مجرمي يهودي بني النظير الى ديار يهود بني قريظة فاستطاع ان يقنع سيدهم كعب بن اسد القرظى ان ينقض ههده مع النبي صلى الله عليه وسلم فبدأ غدر بني قريظة وتعرضوا الحصون المسلمين التي فيها النساء والذراري فاصبح الخطر داهم على دولة الاسلام من شمالها وجنوبها وكانت من اخطر اللحظات التي هددت الاسلام في مهده فلم يكن بين المسلمين وبين بني قريضة حائل فامر النبي صلى الله عليه وسلم بعض اصحابه ان يطوفوا في طرقات المدينة ليلا نهارا وان يكبروا باعلى اصواتهم وذلك لتخويف يهود بني قريظة وفي هذه الظروف العصيبة حدثت معجزة وهي اسلام رجل من جيش المشركين المحاصرين للمدينة انه نعيم بن مسعود من الاشجعى اشهر الناس في ذلك الوقت بانه صاحب حيلة فجاء الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله اني قد اسلمت ان قومي لا يعلمون بإسلامى فمرني بما شئت فقال له النبي صلى الله عليه وسلم انما انت رجل واحد فخذل عنا ما استطعت فإن الحرب خدعة فذهب نعيم الى بني قريظة وكان صديقا لهم فقال لهم قد عرفتم ودي لكم قال صدقت قال ان قريشا ليس مثلكم البلد بلدكم فيه اموالكم وابنائكم ونسائكم لا تقدرون ان تتحول منه الى غيره وان قريشا غطفان قد جاءوا لحرب محمد واصحابه وقد ظاهرتومهم عليه وبلدهم وأموالهم ونسائهم بغيره فإن اصابه فرصة انتهزها والا لحقوا ببلدهم وتركوكم ومحمدا فأنطقم منكم قالوا فما العمل يا نعيم قال لا تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائنكم قالوا والله لقد احسنت بالرأي ثم نظر نعيم الى قريش وقال لهم تعلمون ودي لكم ونصحى اياكم قالوا نعم قال فان يهود قد ندموا على ما كان منهم من نقض عهد محمد وانهم قدر راسلوة انهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها اليه ثم يقلبونة عليكم فان نسالوكم رهائن فلا تعطوهم ثم ذهب الى غطفان وقال لهم مثل ذلك فارسل المشركون من قريش وغطفان الى يهود بني قريظة يقولون لهم اننا سنهاجم محمدا يوم غدآ ونريدك ان تهاجموا معنا فرد عليهم اليهود بقولهم انا لن نقاتل معكم حتى تبعثوا الينا رهائن فقالت قريش وعطفا صدقكم والله نعيم فارسلوا مرة اخرى الى اليهود بقولهم والله لا نرسل اليكم احدا فاخرجوا معنا حتى نقاتل محمدا فقالت اليهود صدقكم والله نعيم فتخاذل الفريقان ودبة الفرقة بين صفوفهم وخرت عزائمهم ثم ارسل الله عز وجل على الاحزاب ريحا قلعت خيامهم واطفأت نيرانهم وكفئت قدورهم وارسل سبحانه وتعالى عليهم برد شديد فما قر للمشركين قرار فستعدو للرحيل سريعا فاصبح المسلمون وقد رد الله الأحزاب بغيظهم لم ينالوا خيرا و كفاهم الله قتالهم فصدق وعده واعز جنده وهزم الاحزاب وحده سبحانه وانتهى الامر سريعا بعد حصار دام شهرا او نحو شهر وقال صلى الله عليه وسلم بعد رحيلهم الآن نغزوهم ولا يغزونا نحن نسير اليهم وكان ما قال فما غزى احد بعد ذلك المدينة فقد انتقل المسلمون بعد الاحزاب من مرحلة الدفاع الى مرحلة الهجوم والحمد لله رب العالمين.