سبب نزول سورة الحشر في القرآن الكريم فمن المعلوم أن سورة الحشر من السور المدنية التي نزلت في المدينة على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، في السنة الرابعة من الهجرة.
والتي يبلغ عدد آياتها أربعة وعشرون آية.
أما عن سبب تسمية سورة الحشر بهذا الاسم،
هو أن أول محشر لليهود كان علي يد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عندما حاصرهم ثم أخرجهم من المدينة إلى بلاد الشام
اقرأ ايضا: ما سبب نزول سورتي الفلق والناس
سبب نزول سورة الحشر
في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يسكن المدينة المنورة ثلاثة طوائف
من اليهود، فوضع النبي -صلى الله عليه وسلم- بينهم وبين المسلمين العهود والمواثيق،
حتى يأمن جانبهم وعلى الرغم من ذلك، إلا أنهم نقضوا مواثيق النبي -صلى الله عليه وسلم؛
وذلك لأن الغدر وعدم الالتزام بالعهود، والوفاء بها من طبع اليهود.
هذا، وقد كان من بين الطوائف التي تسكن في المدينة آنذاك، يهود بني النضير،
الذين قاموا بعقد اتفاقية يملأها المكر والخداع مع المشركين، ضد النبي -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين،
حيث أظهروا لهم العداوة والبغضاء للمسلمين، فَحاصرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- وانتهى الحصار بإجلائهم
وإخراجهم من المدينة المنورة، على أنّ لهم ما حملت الإبل من الأمتعة والأموال إلا السّلاح.
وكان هذا في ربيع الأول من السنة الرابعة من الهجرة، وقد روي عن سعيد بن جبير أنه سأل ابن عباس عن سبب نزول سورة الحشر فأخبره أنها أُنزلت في بني النضير
سبب نزول سورة الحشر تفسير السعدي
قال الإمام السعدي في سبب نزول هذه السورة:
أنه وقت بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وهجرته إلى المدينة كفر به جميع يهود بني النضير.
ولما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة قام بِعقد صلح بين سائر طوائف اليهود،
الذين يجاورنهُ في المدينة، وبعد مرور غزوة بدر بِستة اشهر خرج النبي اليهم،
وطلب منهم أن يساعدوه في سد دِيَة الكلابين الذين قام بقتلهم عمرو بن أمية الضمري، فكان ردهم على الرسول:
“أننا معك وسنساعدك فيما تتطلب منا يا أبا القاسم، وطلبوا منه صلى الله عليه وسلم أن يجلس عندهم حتى يقوموا بِقضاء حاجته، ولكن قد غلب عليهم طبع الغدر؛ حيث خلى بعضهم ببعض وتآمروا على قتل النبي.
وقد كان قول أحدهم “أيكم يأخذ هذه الرحى، فيصعد فيلقيها على رأسه يشدخه بها؟”،
فقال واحد منهم يدعى عمرو بن جحاش:
أنا، ثم قال لهم سلام بن مشكم لا تفعلوا، فوالله سَيُخبر بما هممتم به،
وإن ذلك الفعل لنقض للعهد الذي بيننا وبينه، ثم جاء الوحي الى النبي صلى الله عليه وسلم على الفور من ربه؛
لِيبين له ما هم هؤلاء اليهود به، فقام مسرعاً، ثم توجه الى المدينة لِيخبر أصحابه بما هم هؤلاء اليهود بِفعله .
ثم بعد ذلك، أرسل إليهم النبي صلى الله عليه وسلم:
“أن أخرجوا من المدينة ولا تسكنوا معي بها، وقد أجلتكم عشرا، فمن وجدت بها بعد ذلك، ضربت عنقه”،
فقام اليهود أياماً يتجهزون للخروج، ولكن طلب منهم المنافق عبد الله بن أبي بن سلول:
“لا تخرجوا من دياركم فإن معي ألفين يدخلون معكم حصنكم، فيموتون دونكم، وتنصركم قريظة وحلفاؤهم من غطفان” .
ثم قام رئيسهم حيي بن أخطب ببعث رسالة الى النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيها:
إننا لن نخرج من أرضنا، وديارنا فاصنع ما بدا لك.
ثم بعد ذلك، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتكبير هو وأصحابه، فنهضوا مسرعين إليهم،
وكان علي رضي الله عنه يحمل اللواء، فلما رأوهم اليهود قاموا على حصونهم يرمون بالنبل والحجارة،
فاعتزلتهم قريظة، وغدر بهم وخانهم عبد الله بن سلول هو وحلفاؤهم من غطفان.
ثم حاصرهم النبي هو وأصحابه، وقطع نخلهم، وحرق فأرسلوا إليه:
نريد أن نخرج من المدينة فوافق على أن يخرجوا بنفوسهم، وذراريهم، وأن لهم ما حملت إبلهم إلا السلاح؛
وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الأموال والسلاح، كما أخذ أرضهم وديارهم؛
لذلك افتتحت سورة الحشر بالإخبار أن جميع المخلوقات في السماوات والأرض تسبح بحمد ربها، وتنزهه عن كل ما لا يليق به؛ لأنه العزيز الذي يقهر كل شيء، فلا يستعصي عليه شيء، ومن ذلك نصرهِ للنبي صلى الله عليه وسلم على أهل الكتاب من بني النضير الذين غدروا بِرسوله.
سبب نزول سورة الحشر تفسير ابن كثير
كما ذكر ابن كثير في سبب نزول سورة الحشر، أنه عندما حاصر النبي -صلى الله عليه وسلم- يهود بني النضير كان من باب التضييق عليهم وإزعاجهم حرق نخل بني النضير وقطعه، ليكون ذلك نكالاً لهم وخزيًا في الدنيا، وذلاً يُعرف به عجزهم التام الذي جعلهم لا يستطيعون إبقاء نخلهم الذي هو مادة قوتهم وحصنهم، وقد كان ذلك الفعل من المسلمين؛ حتى يتمكنوا من إخراج اليهود من حصونهم، فلما أُمروا بِخروجهم من الحصون قطعوا النخل، فسألوا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك وقالوا أنهم قطعوا بعض النخل وتركوا بعضه، فسألوه إن كان لهم أجرٌ في النخل الذي قطعوه، وإن كانوا يأثمون بما تركوا من النخل، فأنزل الله تعالى قوله: (مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَىٰ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ)
سبب نزول سورة الحشر عند القرطبي والبغوي والطبري وابن العربي
وذكر الطبري والبغوي وابن العربي والقرطبي في سبب نزول سورة الحشر حديثٌ لابن عمر ومضمونه:
أنه لما قطع النبي -صلى الله عليه وسلم- نخل بني النضير وحرقها، أنكر بنو النضير ذلك الفعل على الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأتَّهموه بأنه يفعل ما ينهى عنه، وأنّ قطع النخل يُعد فساداً، وأن من يريد الصلاح في الأرض لا يفعل ذلك فوقع في نفس المسلمين حرجٌ مما قالوا واختلفوا في إبقاء النخل أو قطعه فمن تركه منهم كانوا يخشَون أن يكون ذلك فساداً، وقالوا أنه مما أفاء الله، ومن قطعها قالوا بأنهم يغيظون اليهود بذلك، فأنزل الله الآيات لتُبيِّن أن ما قطعه الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو تركه فكله بأمرٍ من الله تعالى.
قال بعض المفسّرين أنّ آخر الحشر هو حشر البشر جميعاً الأخير في أرض الحشر،
أو أرض المحشر، ومن المعلوم أنّ محشر الناس النهائي يكون في الشام.
سبب تسمية سورة الحشر
في بني النضير، وسبب تسمية هذه السورة بسورة الحشر أنّها تكلّمت عن حشر بني النضير.
حيث حاصرهم الرسول عليه الصلاة والسلام حينما قرّر أن يعاقبهم.
ثم استسلموا بعد ذلك للرسول ولأصحابه الكرام، وحكم عليهم الرسول -صلى اللهُ عليه وسلم- بالجلاء والابتعاد عن المدينة المنوّرة.
وكانوا أول من تمّ إجلاؤهم وإخراجهم من أهل العرب في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومعنى أوّل الحشر أي خروجهم الأول من حصونهم في المدينة إلى خيبر، وأما معنى آخر الحشر الذي ورد في السورة كذلك فهو خروجهم من خيبر إلى بلاد الشام. قال بعض المفسّرين أنّ آخر الحشر هو حشر البشر جميعاً الأخير في أرض الحشر، أو أرض المحشر، ومن المعلوم أنّ محشر الناس النهائي يكون في الشام.
أسئلة عن سورة الحشر
نستعرض فيما يلي الأسئلة الثقافية التي يطرحها البعض عن سورة الحشر وهي كالآتي:
1 ـ ما هو فضل قراءة سورة الحشر ؟
إن قراءة القرآن الكريم بشكل عام تمد الإنسان بالهدوء، وتكسبه الراحة النفسية،
وطمأنينة القلب، بالإضافة إلى ذلك، فإن قراءة القرآن تمنح العبد عظيم الأجر والثواب.
لذلك فقد أوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم بِالحرص على المداومة على القرآن الكريم، وعدم هجر قراءته .
هذا، وقد ذكر بعض العلماء، أن من قرأ خواتيم سورة الحشر وكل الله تعالى له خمسين ألف ملك يُصلون عليه، ولكن ليس هناك أحاديث صحيحة تؤكد صحة هذا القول .
2 ـ في من نزلت سورة الحشر ؟
نزلت سورة الحشر في يهود بنو قريظة، وبنو النضير؛ حتى توضح مكرهم وخداعهم وعداوتهم الشديدة التي كانوا يُضمرونها للنبي صلى الله عليه وسلم، والمسلمين؛ حيث كانوا يريدون التنكيل بالمسلمين، فبينت السورة خيانتهم، ونقضهم لِميثاقهم مع النبي صلى الله عليه وسلم .
3 ـ لماذا نزلت سورة الحشر ؟
نزلت سورة الحشر بسبب إحدى القبائل اليهودية التي كانت تعيش في المدينة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؛ لتبين نقضهم لِعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث أنهم خططوا لِقتله، فقام صلى الله عليه وسلم بحصارهم، وإخراجهم من المدينة مخذولين .
الدروس المستفادة من سورة الحشر
- أن يعلم العبد أن جميع الموجودات سواء كائنات، أو جمادات، وغير ذلك مما لا يمكن للإنسان أن يدركه بحواسه تسبح بحمد الله بطريقة لا يعلمها إلا الله.
- على العبد المؤمن أن يدرك أن الجزاء من جنس العمل، فحينما غدر اليهود بالنبي صلى الله عليه وسلم، ومن معه من المؤمنين كان جزائهم أن يخرجهم النبي من المدينة مجردين من أموالهم وسلاحهم؛ وذلك نتيجة نقضهم ميثاقهم مع النبي صلى الله عليه وسلم .
- من الأمور الواجبة على العبد، أن يخضع لأوامر الله ورسوله في جميع التشريعات التي تتعلق بالمال، والثروة، وتقسيم الغنائم؛ وذلك لأن الله تعالى لا يأمر إلا بما هو خير للعبد، وينهى عن أي أمور لا تقتضي بها مصالح العباد، وهذا يضمن للإنسان تحقيق العدالة الاجتماعية في الأرض.
مقاصد سورة الحشر
- من المقاصد الرئيسية في سورة الحشر، الحديث عن اليهود الذين نقضوا العهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهموا بقتله، فأخرجهم النبي هو وأصحابه من المدينة المدينة المنورة. قال تعالى “هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ۚ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا ۖ وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ۚ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ” .
- تهتم سورة الحشر بالجانب التشريعي مثل باقي السور المدنية؛ حيث بينت للمسلمين كيفية توزيع الغنائم في الحرب قال تعالى ” مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ۚ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ” .
- من مقاصد السورة الكريمة، توضيح صفات المنافقين والتي شبهت بينها وبين الشيطان الرجيم وذلك من ناحية الخبث، والعداء، والبغضاء ولذلك فقد قال الله تعالى “أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ” .
أهم موضوعات سورة الحشر
- تناولت سورة الحشر موضوع خيانة يهود بنو النضير للنبي صلى الله عليه وسلم، كما تناولت موضوع معاقبة النبي صلى الله عليه وسلم لهم.
- كما تناولت السورة، موضوع خروج بني النضير، وبينت كيف كان حالهم من التشتت بعد خروجهم من المدينة .
- بينت سورة الحشر أن موضوع خروج بني النضير منسوب إلى الله تعالى، و إلى تقديره .
- تناولت السورة أيضاً، موضوع من يشاقق الله تعالى ويعصيه.
- بالإضافة إلى ذلك، فقد تناولت السورة الكريمة موضوع حال قلوب المؤمنين التي كانت مطمئنة بنصر الله للحق .
- تناولت سورة الحشر حكم الفيء الذي أفاء به الله سبحانه وتعالى على المؤمنين.
- تحدثت السورة عن موضوع صفات شخصية التابعين، ودعائهم لمن سبقهم بِالإيمان.
- وضحت السورة العلاقة المزيفة بين المنافقين وأهل الكفر، حيث بينت أنها علاقة فاسدة .
- كذلك، من المواضيع التي تناولتها سورة الحشر أن المنافقين، وأهل الكفر لا يمكنهم أن ينالوا من المؤمنين إلا إذا تفرقت قلوبهم .
- من مواضيع سورة الحشر أيضاً، دعوة المسلمين إلى تقوى الله، ومراقبته في السر
اقرأ ايضا: متى نزلت سورة النصر