ما سبب نزول سورتي الفلق والناس
سورة القرآن العظيم كثيرة وغنية بالمعاني القوية الجميلة، ولكن هل تساءلت يومًا لماذا نزلت هذه الآيات ومن ثم هذه السور؟
سنتعرف اليوم على ما سبب نزول سورتي الفلق والناس فتابع لتعرف.
سورة الفلق:
قال تعالى: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ، وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ، وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ)، صدق الله العظيم.
سنتعرف اليوم على ما سبب نزول سورتي الفلق والناس، بالنسبة لسورة الفلق هي سورة مكيّة،
عدد آياتها خمس آيات، ترتبيها في القرآن الكريم السورة الثالثة عشرة بعد المئة –قبل الأخيرة-، في الجزء الثلاثين من القرآن.
وهي من المعوّذات الثلاثة (الإخلاص، الفلق، الناس)، وقد نزلت بعد سورة الفيل.
يدور موضوع السورة حول طريقة تعليم عباد الله المسلمين للالتجاء لله سبحانه وتعالى وترجي رحمته
من خلال الاستعاذة بسلطان الله جلّ وعلا وجلالته سبحانه من شرّ المخلوقات التي خلقها الله،
والاستعاذة من شرور الليل وظلامه، والاستعاذة من شرور النفوس وما فيها، والاستعاذة من الحسد والحسّاد
لما لهما من تأثير على نفس الإنسان، فيحصن المسلم نفسه من هذه الشرور بالالتجاء للتحصين من الله الخالق الجبّار.
سورة الناس:
قال تعالى:(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، مَلِكِ النَّاسِ، إِلَهِ النَّاسِ، مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ، الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ، مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ)، صدق الله العظيم.
سورة الناس هي سورة مكيّة، وهي السورة الأخيرة في القرآن الكريم أي الرابعة عشر بعد المئة والأخيرة
في الجزء الثلاثين، وذلك من حيث الترتيب لا نزول السور. عدد آياتها ست آيات. وهي من المعوّذات الثلاثة
التي يتعوّذ بها المسلم ويتحصّن (الإخلاص، الفلق، الناس).
يدور موضوع السورة حول الاستعاذة والتحّصن بالله سبحانه وتعالى من الأعداء ومن أشرهم ومن شرورهم أيضاً،
ألا وهم العدو الأكبر للإنسان وهو إبليس لعنه الله، ومن شرار الناس وهم شياطين الإنس، ومن شرار الجن أيضاً،
والذي يغوون المؤمنين بالوساوس وأبشع طرق الإغواء.
سبب نزول سورتي الفلق والناس:
سبب نزول سورتي الفلق والناس
أمّا فيما يتعلق سبب نزول سورتي الفلق والناس ، فقد كتب البيهقيّ في كتابه “دلائل النبوّة” رواية يذكر فيها أنّ رسول الله “صلّى الله عليه وسلّم” قد مرض مرضاً شديداً جداً، فجاءه ملكان ليداوياه، فجلس أحدهما عند رأسه، والثاني جلس عند رجليه “صلوات الله عليه”، فسأل الذي عند رجليه الملك الذي عند رأسه ماذا يرى، فأجابه الملك “طب”، والطب هو السحر، وأنّ الذي سحره هو لبيد بن الأعصم اليهوديّ، وأنّ هذا السحر في بئر آل فلان تحت صخرة، فذهبوا إلى المكان، وأخلوا ماءه ورفعوا الصخرة التي يوجد تحتها السحر، وحرقوه. ولما أصبح الرسول “صلّى الله عليه وسلّم” في اليوم التالي، أرسل عمار بن ياسر مع جماعة ليأتوا بهذا السحر، فقد كان ماءه كماء الحناء، فأزاحوا الماء ورفعوا الصخرة مرة أخرى وأحرقوها، وقد كان فيها إحدى عشرة عقدة، وكلمة كان الرسول يقرأ آية من هاتين السورتين كانت تنحلّ عقدة إلى أن فكّ السحر كله، ولذلك سميت هاتين السورتين بالمعوذات لأنّ الإنسان يتعوّذ بهن من شرار الأشياء والناس، ويحميه الله ويخلصه من كل شر.
فضل سورة الناس:
لدعوة إلي عبادة الله سبحانه وتعالي وعدم الشرك به ابدأ, وهي من السوَر التي يُرقى بها من السِّحر والمسِّ،
والعَين والأوجاع؛ فعن عائشة رضي الله عنها أيضًا: “أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يَقرأ على نفسه بالمعوِّذات ويَنفث، فلمَّا اشتدَّ وجعه كنتُ أقرأ عليه وأمسح عنه بيده رجاء “برَكتهما”.
ما رواه الإمامُ مسلم في صحيحه عن عُقبة بن عامرٍ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((ألم تر آياتٍ أُنزلَت الليلة لم يُرَ مثلُهُنَّ قطُّ: ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾ [الفلق: 1]، و﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴾ [الناس: 1])).
فضل سورة الفلق:
وقد يصيب الإنسان نفسَه أو مالَه وولده بالعين عن غير قَصد، إذا لم يَدْع بالبركة، عن عامر بن رَبيعة، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا رأى أحَدُكم من نفسه أو ماله أو أخيه ما يُعجبُه، فليدْعُ بالبركة؛ فإنَّ العين حقٌّ))؛ صحيح الجامع.
ويبقى أفضَل شيء في الوِقاية من هذه الشرور كلها: التوكُّل على الله،
وقراءة المعوذات، فعن أبي سعيدٍ الخُدري رضي الله عنه قال: “كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يتعوَّذُ من الجان،
وعينِ الإنسان، حتى نزلَت المُعوذتان، فلمَّا نزلَتا، أخَذ بهما وترك ما سواهما”؛ صحيح الترمذي،
وعن مُعاذ بن عبدالله بن خُبيبٍ، عن أبيه، قال: خرجنا في ليلةٍ مطيرةٍ وظُلمةٍ شديدةٍ نطلُبُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يُصلِّي لنا، قال: فأدركتُه، فقال: ((قُل))، فلم أقُل شيئًا، ثُم قال: ((قُل))، فلم أقُل شيئًا، قال: ((قُل))، فقلتُ، ما أقولُ؟ قال: ((قُل: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1]، والمُعوذتين حين تُمسي وتُصبحُ ثلاث مرَّاتٍ، تَكفيك من كلِّ شيءٍ))؛ صحيح الترمذي.. ففي هذه السورة تبين لنا أنَّ الشرور
المستعاذ منها هي شرور خارجيَّة؛ كالشياطين والهوام والسباع والأنفس الخبيثة، منفصِلة عن الإنسان، لا تُضاف إلى كَسبه ولا لإرادته، ولا يعاقب عليها شرعًا، ويبقى شرٌّ داخلي دَفين وخطير تنفرِد به نفس الإنسان والقرين من الجنِّ والإنس، ويكون للقلب فيه إرادة وكَسب يحاسَب عليه الإنسان شرعًا إذا تقبَّله وعمل بمقتضاه، سنراه في سورة الناس.
بعد أن تعلمنا ما سبب نزول سورتي الفلق والناس يمكنك الاستزادة ومعرفة سبب نزول بقية السور وآيات الله سبحانه وتعالى، فيمكنك معرفة سبب نزول سورة الحشر والبحث عن المزيد من المعاني الجميلة.