صلاة الاستخارة كيف تصلى وكيف تعرف نتائجها | ثمرات صلاة الاستخارة
يلجأ العديد من المسلمين إلى صلاة الاستخارة، لاستخارة الله عز وجل في الخير وصلاح الأمور، وهذه الصلاة من الصلوات المباركة التي لها فضل عظيم في تيسير أمور المسلم وقضاء حاجته الدنيوية، وصلاة الاستخارة عادة ما تكون اختيار بين شيئين يحتار الإنسان في تفضيل شيء عن الآخر، لذا يبحث الكثيرون عن صلاة الاستخارة كيف تصلي وكيف تعرف نتائجها، وهذا ما سوف نتناوله.
حث النبي “صلى الله عليه وسلم” على ضرورة استخارة المولى عز وجل عند الحيرة بين اختيار أمرين أو عدم الوصول لحل لمشكلة ما، حيث قال “صل الله عليه وسلم” في حديث شريف عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صل الله عليه وسلم قال: “إذا همَّ أحدُكم بالأمرِ فلْيركَعْ ركعتينِ من غيرِ الفريضةِ، ثم لْيقُل: اللهمَّ إني أستخيرُك بعِلمك، وأستقْدِرُكَ بقُدرتِك، وأسألُك من فَضلِك؛ فإنَّك تَقدِرُ ولا أَقدِرُ، وتَعلمُ ولا أَعلمُ، وأنت علَّامُ الغيوب، اللهمَّ فإنْ كنتَ تَعلَمُ هذا الأمْرَ- ثم تُسمِّيه بعَينِه- خيرًا لي في عاجلِ أمْري وآجلِه- قال: أو في دِيني ومعاشي وعاقبةِ أمري- فاقْدُرْه لي، ويَسِّره لي، ثم بارِكْ لي فيه، اللهمَّ وإنْ كنتَ تعلمُ أنَّه شرٌّ لي في دِيني ومعاشي وعاقبةِ أمْري- أو قال: في عاجِلِ أمْري وآجِلِه- فاصْرِفني عنه، واقدُرْ لي الخيرَ حيثُ كانَ ثمَّ رضِّني به“.
ننصحك بقراءة هذا المقال أولاً : كيف تكون صلاة الاستخارة الصحيحة ومتى وقتها والدعاء فيها
فوائد وأهمية دعاء صلاة الاستخارة
يلجأ المسلم إلى صلاة الاستخارة لطلب الخير من الله في الأمر الذي يريده، وبعدما يفرغ من الصلاة يقول دعاء الاستخارة، ولدعاء الاستخارة أهمية كبرى وفوائد عظيمة في حياة المسلم، فهي دليل للخير والصواب الذي يرشد الله عز وجل المسلم إليه، ومن أهم فوائد هذه الصلاة المباركة:
- تعين صلاة الاستخارة المسلم على عزم أمره وتوكله على الله سبحانه وتعالى، فهي بمثابة نبراس يكشف له طريق الخير والصلاح.
- تعتبر صلاة الاستخارة استقامة للمسلم فهي طريق الرجاء والتوكل على الله عز وجل، وهي تنافي عادات الجاهلية القديمة، حيث كانوا يلجؤون إلى غير الله عز وجل، مثل: الذهاب للدجالين والعرافين والكهنة.
- تشتمل الاستخارة على الأمور المستحبة والمباحة، كما أنها تقي المسلم من الانجراف وراء الأوهام والأفكار، وتجعله يعزم أمره ويتوكل على الله عز وجل.
- أجمع علماء الأمة على فضل وأهمية دعاء صلاة الاستخارة في تيسير أمور المسلم وتوجه نحو الخير والصلاح، ومن أهم ثمار الاستخارة هو التقرب والتضرع لله عز وجل.
- تولد الاستخارة اليقين وحسن الظن بالله في روح العبد المسلم، حيث قال الله تعالى: ” وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ“.
- ينال المسلم أجر عظيم من صلاة الاستخارة، فهي عبارة عن صلاة ودعاء في نفس الوقت، وكلاهما خير وصلاح لخروج المسلم من الضيق إلى الفرج وتحقيق الاستقرار والسلام النفسي له.
ماذا يحدث بعد صلاة الاستخارة
ثمة مجموعة من المؤشرات والدلائل والتي تكون عبارة عن بعض العلامات للمسلم بعض صلاة الاستخارة، حيث:
-
- ينشرح صدر المسلم ويشعر بالارتياح التام ويطمئن قلبه بعدها، حيث يرشده الله عز وجل نحو الخير والصواب، إذا كان الأمر خيراً له.
- يشعر المسلم بالضيق والنفور من الأمر، مما يعني أن هذا الأمر لن يكون خيراً له ووجب عليه تركه.
- قد يرى المسلم في منامه رؤى تكون بمثابة دلالات وعلامات للأمر الذي استخار الله عز وجل فيه، لكن الرؤى ليس بشرط أساسي بعد الاستخارة.
- قد يظل حال العبد مجهولاً حتى بعد صلاة الاستخارة وتستمر حيرة أمره، وفي هذه الحالة ينصح بأن يتوجه إلى أهل العلم والمشورة لاستشارتهم والأخذ برأيهم.
أمور يجب مراعاتها في صلاة الاستخارة
هناك بعض الأمور التي يجب على العبد المسلم أن يرعاها في صلاة الاستخارة حتى تقبل صلاته وتكون صحيحة، ومن ضمن هذه الأمور:
- يجب على المسلم أن يعتاد على الاستخارة في أي أمر يخصه سواء كان هذا الأمر صغيراً أو كبيراً.
- يجب انتظار زوال الموانع التي تمنع الصلاة، مثل: الحيض للمرأة، أما إذا كان الأمر الذي يستخير فيه العبد مهماً وضرورياً ولا يمكن تفويته وجب عليه أن يستخير بالدعاء دون الصلاة.
- يمكن للمسلم أن يلجأ إلى ورقة أو كتاب إذا كان غير حافظ لدعاء الاستخارة، كما يجوز للمسلم أن يقرأ دعاء الاستخارة قبل التسليم من الصلاة، ويمكن أن يكون بعد التسليم.
- يجوز للمسلم أن يكرر أمر الاستخارة مرة أخرى، في حالة عدم تبين الأمر بشكل واضح.
- يجب ألا يزيد أو ينقص المسلم عن الدعاء المحدد لصلاة الاستخارة وأن يقف عند الحد المنصوص عليه.
- يفضل أن يستشير المسلم أهل الرأي والحكمة، أي يجمع بين الاستشارة والاستخارة
- لا يجوز الاستخارة بالمسبحة أو بقراءة القرآن فقط، فالاستخارة الحقيقية تكون بطريقة الدعاء والصلاة.
- لا يجوز أن يستخير المسلم في المكروهات لأن ذلك من المحرمات.
- لا يجوز الاستخارة بعد الفريضة، لابد أن يكون لصلاة الاستخارة ركعتين خاصين بها.
حكم صلاة الاستخارة
صلاة الاستخارة سنة متبعة عن النبي محمد “صلى الله عليه وسلم” وقد أخرج البُخَارِيُّ عَن جَابِر -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَال: “كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الاِسْتِخَارَةَ فِي الأُمورِ كُلِّهَا”، وقد شرعها الله عز وجل لحكمة عظيمة ولأمر جليل، وهو: التسليم لأمر الله سبحانه وتعالى والتوكل عليه وحسن الظن به، واللجوء إلى الله وحده دون غيره والتقرب إليه بالدعاء والحمد لله على نعمه وفضله.
حكم تكرار صلاة الاستخارة
يجوز للمسلم أن يكرر الاستخارة أكثر من مرة، حيث ينبغي للمستخير أن يستخير سبع مرات، فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “يَا أَنَسُ، إِذَا هَمَمْتَ بِأَمْرٍ فَاسْتَخِرْ رَبَّكَ فِيهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ انْظُرْ إِلَى الَّذِي يَسْبِقُ إِلَى قَلْبِكَ، فَإِنَّ الْخَيْرَ فِيهِ”، , قال ابن عابدين الحنفي في “رد المحتار على الدر المختار” (2 / 26 ط دار الفكر): [وَيَنْبَغِي أَنْ يُكَرِّرَهَا سَبْعًا؛ لِمَا رَوَى ابْنُ السُّنِّيِّ: “يَا أَنَسُ، إذَا هَمَمْت بِأَمْرٍ فَاسْتَخِرْ رَبَّك فِيهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ انْظُرْ إلَى الَّذِي سَبَقَ إلَى قَلْبِك، فَإِنَّ الْخَيْرَ فِيهِ”، وَلَوْ تَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ الصَّلاةُ اسْتَخَارَ بِالدُّعَاءِ ا هـ مُلَخَّصًا.
يكرر المستخير صلاة الاستخارة عند عدم تبين أي شيء من المرة الأولى، أما إذا ظهر له علامات مثل انشراح صدره وتوفيقه للأمر الذي استخار فيه، فلا حاجة هناك لأن يستخير مرة أخرى، وقد صرح جمهور الشافعية أنه في حالة عدم ظهور أي شيء بعد الاستخارة السابعة، يمكن للمستخير أن يستخير أكثر من ذلك.
ثمرات الاستخارة
لصلاة ودعاء الاستخارة العديد من الثمار الخيرة التي يجنيها المستخير نتيجة توكله على الله عز وجل، ومن أهم ثمرات الاستخارة:
- انشراح الصدر والشعور بالارتياح نتيجة التوفق في الموضوع الذي استخار فيه المسلم الله سبحانه وتعالى، أو الشعور بالنفور والضيق من الموضوع إذا كان غير موفق فيه.
- الحصول على الخير والبركة نتيجة تفويض أمر المسلم لله عز وجل وتوكله عليه، فهو العليم بأمره والمطلع على خبايا الأمور.
- اعتياد المسلم على التوكل على الله عز وجل والاعتماد عليه في كل أمور حياته الصغيرة منها والكبيرة.
- شعور المؤمن بالطمأنينة والتي يستشعر فيها معية الله عز وجل عند اللجوء إليه وقت الضيق والحاجة.
كيف أعرف نتيجة صلاة الاستخارة
ثمة مجموعة من العلامات والدلائل التي تظهر كنتيجة لصلاة الاستخارة التي يؤديها المسلم، منها:
- ارتياح العبد للأمر والشعور بالتيسير والتسهيل من كافة الاتجاهات المتعلقة بالموضوع الذي استخار فيه الله عز وجل، ويكون ذلك نتيجة على أن الأمر خيراً.
- قد يشعر العبد بالضيق وعدم الارتياح للموضوع، مما يعتبر نتيجة بعدم المضي قدماً فيه وضرورة تجبنه.
- قد تحدث رؤية بالأمر الذي استخار فيه المسلم، وتحمل هذه الرؤية دلالات ونتائج الاستخارة، ولكن مسألة الرؤية ليست شرطاً كنتيجة للاستخارة.
- عدم الشعور بأي شيء الجهالة بالأمر وفي هذه الحالة يستحب أن يكرر المستخير صلاة الاستخارة مرة أخرى قد يحصل على نتيجة.
- استشارة أهل العلم والفقه في حالة عدم وضوح الأمر حتى بعد تكرار الاستخارة، فعلى العبد أن يتوجه إلى أهل العلم والمشورة لأن في رأيهم حكمة وصلاح، حيث: “ما خاب من استخار، وما ندم من استشار”.
الفرق بين الاستشارة والاستخارة
يوجد فرق واضح بين الاستشارة والاستخارة على الرغم من أن الأمرين خير وفيهما صلاح لحال المسلم، ويبرز هذا الفرق بشكل أساسي في:
أولاً الاستشارة:
الاستشارة تعني لجوء العبد إلى عبد آخر سواء كان حكيماً أو من أهل الرأي والمشورة من أجل معرفة رأيه تجاه موضوع ما أو قضية محددة، وتشتمل الاستشارة على أوجه مختلفة، فقد تكون قانونية في بعض الأحيان: أي الرجوع إلى أهل القانون لاستشارتهم في مسألة أو مشكلة قانونية، وقد تكون طبية: أي استشارة أهل الطب في مشكلة صحية، وقد تكون دينية أو ثقافية أو غيرها.
يلجأ أولي الأمر دائماً إلى استشارة من حولهم في الأمر التي تخص العباد والبلاد، في أوقات السلم والحرب، من أجل اتخاذ قرارات حاسمة وحكيمة، ولقد حث الدين الإسلامي على أهمية وإعلاء قيمة الاستشارة في الأمر، حيث قوله تعالى: ” اسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر “، والدين الإسلامي حافل بأمثلة عدّة للاستشارات، وخير مثال: استشارة الرسول “صلى الله عليه وسلم” في غزوة الخندق، حيث عرض الأمر على المسلمين، فأشار عليه الصحابي الجليل “سلمان الفارسي” بحفر خندق لعرقلة وقطع الطريق على الأعداء، وقد أخذ الرسول “صلى الله عليه وسلم” بهذا الرأي وانتصر المسلمين في المعركة.
ثانياً الاستخارة:
تعتبر الاستخارة في منزلة أسمى وأعلى من الاستشارة، فهي تعني التسليم لأمر الله عز وجل والتوكل عليه والتضرع له، وهي أيسر بكثير من الاستشارة، فالاستخارة أمر يسير يقوم على صلاة العبد لربه والدعاء له لتسهيل الأمر الذي يستخير فيه. وتأتي نتائج الاستخارة في أمور عديدة كما وضحنها سابقاً في ثمار صلاة ودعاء الاستخارة، كما أن للاستخارة أمور وشروط يجب مراعاتها وقد حددنها أيضاً من قبل.
خلاصة الأمر، الفرق بين الاستشارة والاستخارة يكمن في أن: الاستشارة تعني اللجوء إلى أهل العلم والمشورة والاختصاص، لكن الاستخارة تعني اللجوء إلى الله عز وجل والتوكل عليه وصولاً للطريق الصحيح.
دليل مشروعية صلاة الاستخارة من السنة
صلاة الاستخارة سنة عن النبي “صلى الله عليه وسلم” كما جاء في الحديث النبوي الشريف الذي ذكرناه سابقاً، وهي مثل صلاة النافلة يصلي فيها العبد ركعتين، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وما تيسر له من قراءة القرآن الكريم، ثم ترديد دعاء الاستخارة، ويجوز الدعاء قبل التسليم من الصلاة أو بعد التسليم.
ما هي الأمور والشروط التي يجب مراعاتها عند صلاة الاستخارة؟
ثمة مجموعة من الأمور التي يجب أن يرعاها المسلم عندما يستخير الله في أمر معين، ومن ضمن هذه الأمور:
- اليقين التام بقدرة الله عز وجل في استجابة الدعاء وتيسير أمره.
- عدم القيام بالاستخارة بعد الفريضة، فهي صلاة مستقلة.
- استخارة الله في كل أمور الدنيا سواء الصغيرة أو الكبيرة.
ما أهمية صلاة الاستخارة؟
لصلاة الاستخارة أهمية كبرى وعظيمة في نفس العبد المسلم، فهي من أعظم العبادات التي تقربه من الله عز وجل، حيث يستخير ربه ويلجأ إليه لإرشاده نحو القرار السليم.
ختاماً، توصلنا في هذا المقال إلى معرفة فضل صلاة الاستخارة كيف تصلي وكيف تعرف نتائجها، كما قمنا بتحديد الأمور التي يجب مراعاتها عند صلاة الاستخارة.