ماهي صلة الرحم وأهميتها في الإسلام | حكم صلة الرحم

أمرنا الله عز وجل بعدم قطع صلة الأرحام وأنها تكون سبيلاً للمسلم لدخول الجنة فهي من أحب الأعمال التي يتقرب بها العبد من ربه وجلب الرزق والبركة، كما ورد في الحديث النبوي الشريف “(مَن أحَبَّ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، ويُنْسَأَ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَه” صدقت يا رسول الله فمن أعظم منك خلقًا، وقد تُخلق الألفة بين الناس وبعضها بالود في التعامل والتحدث حتى تقوى الصلة فيما بينهم، وقد أعز الله الأقارب والأرحام ومعاملتهم بالحسنى ورعاية حقوقهم كما في قوله تعالى “وَأُولُو الأَرحامِ بَعضُهُم أَولى بِبَعضٍ في كِتابِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ”.

وقبل بعثة النبي كانت صلة الرحم من الأخلاق المعروفة للنبي حيث كان الرسول يمدح أرحامه ويفخر بهم ويدعو لهم ويقدم لهم المساعدة المعنوية والمادية، وفي اللحظة التي أنزل الوحي على الرسول قالت خديجة رضي الله عنها “كَلّا واللَّهِ ما يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا، إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ”، وكان دائمًا ما يدعو لعبدالله بن عباس بأن يجعله الله من فقهاء الدين ويعلمه التأويل، وعند موت عمه أبي طالب ذهب إليه وطلب منه أن يطلب الشهادة ولكنه مات على كفره، ولكن السرول ظل يدعو ويستغفر له وهذا كان أعظم موقف يدل على أن الرسول كان حريصًا على صلة الرحم.

اقرأ أيضاً أحاديث عن صلة الرحم

صلة الرحم هو الحفاظ على صلة القرابة والإحسان تجاه القريبين منهم، وإحضار أكبر قدر ممكن من الخير لهم وصد أكبر قدر ممكن من الشر عنهم، وقطع صلة الرحم معناه عدم الرفق بالأقارب والإساءة إليهم.

كما أن هناك هناك 3 حالات من وصل الرحم مع الأقارب وهم:

• الواصل هو من يحسن إلى الأقارب.
• المقاطع وهو من أهانهم.
• لا محاور ولا قاطع وهو الذي لا يفعل الخير ولا يسيء وهو الذي لا يحسن معاملة أقاربه إلا إذا عملوا به الخير والعكس صحيح.

أمر الإسلام بأن صلة الأرحام واجبة ومن أراد أن يبسط الله له أبواب الرزق عليه بصلة الرحم وحذرنا الله من قطعها كما في قوله تعالى: “فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ، أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ”، وقال رسولنا الكريم إن قاطع الأرحام لا يدخل الجنة.

وكان رسولنا الكريم حريصًا على صلة الرحم حتى إنه قام بالاستغفار عن ذنب عمه أبي طالب الذي أبى أن يموت على دين الإسلام، ولكن الله نهى عن ذلك “ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذينَ آمَنوا أَن يَستَغفِروا لِلمُشرِكينَ وَلَو كانوا أُولي قُربى مِن بَعدِ ما تَبَيَّنَ لَهُم أَنَّهُم أَصحابُ الجَحيمِ”.

اهتم الإسلام بصلة الرحم وأمر بوصلها وببرها وقد يفوز صاحبها بثواب وأجر كبير في الدنيا، ويفتح الله أمامه أبواب الرزق وقد أكد الله عز وجل على أن قطع صلة الرحم ذنبًا كبير فهي سببًا لدخول العبد الجنة يوم القيامة، ولذلك أمرنا بالإحسان والبر للأقارب والأهل ومعاملتهم بالحسنى، ونهانا عن الإساءة إليهم أو مقاطعتهم والآن سوف نتعرف على أهمية صلة الرحم في الإسلام:

• سببًا من أسباب دخول العبد الجنة

كما ورد عن الإمام البخاري عن أبي أيوب الأنصاري قال “أنَّ رَجُلًا قالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أخْبِرْنِي بعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ، فَقالَ القَوْمُ: ما له ما له؟ فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أرَبٌ ما له فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: تَعْبُدُ اللَّهَ لا تُشْرِكُ به شيئًا، وتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وتُؤْتي الزَّكَاةَ، وتَصِلُ الرَّحِمَ، ذَرْهَا قالَ: كَأنَّهُ كانَ علَى رَاحِلَتِهِ”

•  علامة من علامات الإيمان باليوم الآخر وبالله عز وجل

وهذا ما أكد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم عندما جمع بين الإيمان بالله واليوم الآخر وبين صلة الأرحام قائلاً أن المؤمن الحق يكون حريصًا على صلته ولا يقطع رحمه ” مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ”

• سببًا من أسباب البركة في الرزق والزيادة في العمر

 يفتح الله أبواب الرزق والبركة أمام الشخص الذي يبر برحمه وكما ورد في الحديث النبوي الشريف ” مَن أحَبَّ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، ويُنْسَأَ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ”

• سببًا من أسباب تقوية الصلة بين العبد وربه

 أن الله يحب من عباده من يحافظ على صلة الأرحام فكما ورد في الحديث النبوي الشريف ” إنَّ اللَّهَ خَلَقَ الخَلْقَ حتَّى إذا فَرَغَ منهمْ قامَتِ الرَّحِمُ، فقالَتْ: هذا مَقامُ العائِذِ مِنَ القَطِيعَةِ، قالَ: نَعَمْ، أما تَرْضَيْنَ أنْ أصِلَ مَن وصَلَكِ، وأَقْطَعَ مَن قَطَعَكِ؟ قالَتْ: بَلَى، قالَ: فَذاكِ لَكِ”

•  صورة من صور طاعة الله

 تعد صلة الأرحام من محاسن الدين وقد عظم الله منزلة صلة الرحم والترابط بين الأهل والأفراد وتآلفهم وتراحمهم وفوز الشخص بأجر كبير كما ورد في الحديث النبوي الشريف ” ليسَ الواصِلُ بالمُكافِئِ، ولَكِنِ الواصِلُ الذي إذا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وصَلَها”. 

ورد عن نبينا محمد صل الله عليه وسلم العديد من الأحاديث التي تحثنا على أهمية صلة الرحم ومدى ضرورتها بين المسلمين كافة، ومن بين تلك الأحاديث ما يلي:

• عن عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- قال: “لمَّا قدِمَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ المدينةَ انجفلَ النَّاسُ قبلَهُ قالوا: قدِمَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّم. فجئتُ لأنظرَ فلمَّا رأيتُهُ عرفتُ أنَّ وجْهَهُ ليسَ بوجْهِ كذَّابٍ. فَكانَ أوَّلُ شيءٍ سمعتُهُ منْهُ أن قالَ: يا أيُّها النَّاسُ أطعِموا الطَّعامَ، وأفشوا السَّلامَ، وصِلوا الأرحامَ، وصلُّوا باللَّيلِ والنَّاسُ نيامٌ، تدخلوا الجَّنَّةَ بسَلامٍ”.
• عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت).
• عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال : يا رسـول الله إن لي قرابة أصلهـم ويقطعونني ، وأحسن إليهم ويسيؤون إليّ ، وأحلم عليهم ويجهلون عليّ فقال صلى الله عليه وسلم : “إن كنت كما قلت فكأنما تُسِفهّم المَلّ ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك”. رواه مسلم.

لا تقتصر صلة الأرحام على الرجال فقط ولكنها واجبة أيضًا على النساء مادام البر يشمل الأخوة والوالدين والأعمام، ولكن بشرط أن تلتزم بالآداب الشرعية عند خروجها من المنزل وغض البصر.

كما ورد على لسان ابن مفلح ” وقال في رواية الحارث في رجل تسأله أمه أن يشتري لها ملحفة للخروج قال: إن كان خروجها في باب من أبواب البر كعيادة مريض أو جار أو قرابة لأمر واجب لا بأس، وإن كان غير ذلك فلا يعينها على الخروج”.

 أما عن صلة المرأة بابن خالتها أو ابن عمها أو ابن خالها فلا تشترط الزيارة ويكفي بعدم القطيعة.

نعم صلة الأرحام واجبة وفريضة على كل مسلم فقد جعلها الله كأركان الإسلام وحذر من قطعها، وأمرنا بالتودد إلى الأهل والاقارب ومعاملتهم بالإحسان فعن عائشة رضي الله عنها ” الرَّحِمُ شِجْنةٌ، فمَن وصَلَها وصَلْتُه، ومَن قَطَعها قطَعْتُه”.

وعن عبدالله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ” ليس الواصِلُ بالمكافِئِ، ولكِنَّ الواصِلَ الذي إذا قُطِعَت رَحِمُه وَصَلَها” ومن هنا نتعلم أن صلة الأرحام مهمة وقد تكون سببًا في دخولك الجنة وفتح أبواب الرزق أمامك.

اتفقت المذاهب الأربعة المالكي والشافعي والحنفي والحنبلي على أن صلة الرحم الكافرة جائزة وكان دليلهم الآيات القرآنية ” لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ”

ولكن هناك حالات تستوجب قطع صلة الرحم الكافرة مثل تلك الأشخاص التي تتعمد سب الجلالة وحينها لا يحاسب الشخص، لأنه أمر بقطع من أمر الله بقطعه والابتعاد عنه ويجب عليك أن تحذره من عقاب الله والآخرة وتخويفه إذا مات وهو مرتد عن الإسلام لربما يهدي الله قلبه وينير بصيرته. 

لصلة الرحم أهمية كبيرة لدى المؤمنين حيث هو أمر أمرنا به المولى عز وجل في كتابه الكريم وسنة نبيه محمد صل الله عليه وسلم، ومن بين أهمية صلة الرحم ما يلي:

• غفران الذنوب والفوز برضوان الله.
• تفتح أبواب الرزق والبركة كما ورد في الحديث النبوي الشريف ” مَن سَرَّهُ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، أوْ يُنْسَأَ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ”.
• تقوية الصلة بين العبد وربه.
• الوقاية من ميتة السوء والحماية من المكروه كما ورد في الحديث النبوي الشريف ” مَن سرَّه أنْ يُمَدَّ له في عُمُرِه، ويُوَسَّعَ له في رِزقِه، ويُدفَعَ عنه مِيتةُ السُّوءِ، فلْيَتَّقِ اللهَ ولْيَصِلْ رَحِمَه”.
• دليل على الإيمان كما ورد في الحديث النبوي الشريف ” مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ”.