السيرة النبوية

سر النجاح: كيف كانت غزوات الرسول مع اليهود محورًا للتحول

لقد أثرت غزوات الرسول مع اليهود على الإسلام من عدة جهات، وكان من أهمها تسارع القبائل التي كانت موالية لهم إلى عقد السلم مع المسلمين، مما ساعد على فتح مكة وفتح بابًا واسعًا لنشر الإسلام، قال تعالى:”إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ*وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا*فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ۚ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا”. النصر(1، 3).نستعرض في هذا المقال كيف كانت غزوات الرسول مع اليهود مفتاحًا لتحقيق التحول والنجاح.

السياق التاريخي والاجتماعي

إن التدرج في السياق التاريخي لليهود لم يكن اليهود يسكنون في شبه الجزيرة العربية، لكنهم جاءوا نازحين عن بلاد الشام إلى هناك وقد تعددت الأسباب التاريخية على وجودهم في هذا المكان بالتحديد، ويمكن حصر هذه الأسباب في ثلاثة:

أولًا: سبب أمني

ورد في عدة روايات أن اليهود قد تعرضوا للاضطهاد في بلاد الشام وفروا إلى شبه الجزيرة العربية ولكن الهجرة تمت على عدة مراحل كما أن المعروف عن اليهود عدم استقرارهم في مكان واحد، ومن هذه الروايات:

1- ما جاء على لسان أبو حيان: “كان بنو النضير من الجيش الذين عصوا موسى في كونهم لم يقتلوا الغلام ابن ملك العماليق تركوه لجماله وعقله، وقال موسى عليه السلام: لا تستحيون منهم أحدًا، فلما رجعوا إلى الشام وجدوا موسى عليه السلام قد مات، فقال لهم بنو إسرائيل: أنتم عصاة الله، والله ما دخلتم علينا بلادنا، فانصرفوا إلى الحجاز”، ويرجح أن هذا كان في القرنين 2، 3 ق.م.

2- أضعف السهيلي هذه الرواية قائلًا: “أن هجرتهم إلى الجزيرة كانت بسبب اضطهاد بختنصر لهم وعسفه بهم.

3- أكد هذه الرواية الطبري، وقال: ” قد قويت شوكته فحارب مع الترك، وقاد جيشًا جرارًا إلى دمشق، ثم قصد بيت المقدس لمحاربة بني إسرائيل، فصالحه ملكهم، ثم نقض الإسرائيليون عهودهم معه، ولما علم بختنصر بنقضهم عاد إلى بيت المقدس، وأثخن فيهم، وهدم بيت المقدس، وأحرق التوراة، وقتل أولاد الأنبياء، واسترق نساءهم، وسبى ذراريهم، ففر كثير منهم إلى أقطار مختلفة، وفر بنو النضير وبنو قريظة وبنو هدل إلى الحجاز يثرب وغيرها.

4- كما جاء في روايات أهل الأخبار أنهم جاءوا فرارًا من دخول الرومان إلى بلاد الشام، وسكنوا أطراف يثرب وكان هذا في عام 70 م.

ثانيًا: سبب ديني

ورد عن ابن النجار: “وقال آخرون: بل كان علماؤهم -أي: اليهود- يجدون في التوراة أن نبيًّا يهاجر من العرب إلى بلد فيه نخل بين حرَّتين، فأقبلوا من الشام يطلبون صفة البلد، فنزل طائفة تيماء وتوطنوا نخلًا، ومضى طائفة، فلما رأوا خيبر ظنوا أنها البلدة التي يهاجر إليها، فأقام بعضهم بها، ومضى أكثرهم وأشرفهم، فلما رأوا يثرب سبخةً وحرةً ونخلًا قالوا: هذا البلد الذي يكون له مهاجر النبي إليها، فنزلوه”

ثالثًا: سبب اقتصادي وسياسي

ذكر المفسرون أن اليهود كانوا على علاقة جيدة مع قبيلتي الأوس والخزرج، وكانوا يسكنون مكانًا واحدًا، وكانت هذه العلاقة ذات طابع اقتصادي وسياسي وقد سيطر اليهود على أغلب الجوانب الاقتصادية في المدينة، بالإضافة إلى الاهتمام بالزراعة و الصناعة، فكانوا صانعي سيوف ودروع حربية ولديهم ثروات وأموال.

وقد نشروا الربا والمراهنات في تعاملاتهم مع غيرهم، كما كانوا يعملون على إثارة الحروب بين الأوس والخزرج كلما سنحت لهم الفرصة، مما أنهك هذا القبائل في نزاعات مما جعل اليهود لديهم سيطرة اقتصادية أكبر، والسيطرة على أكبر جزء من الزراعة ومصادر المياه.

غزوات الرسول مع اليهود

كان يهود المدينة ينقسمون إلى ثلاثة طوائف هم: (بني النضير، بني قينقاع، بني قريظة)، وقد كان بينهم عهد مع الرسول ولكنهم كعادتهم نقضوا هذا العهد.

قال ابن القيم رحمه الله :” صَالَحَ النبي صلى الله عليه وسلم يَهُودَ الْمَدِينَةِ ، وَكَتَبَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ كِتَابَ أَمْنٍ ، وَكَانُوا ثَلَاثَ طَوَائِفَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ : بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَبَنِي النَّضِيرِ، وَبَنِي قُرَيْظَةَ ، فَحَارَبَتْهُ بَنُو قَيْنُقَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ بَعْدَ بَدْرٍ، ثُمَّ نَقَضَ الْعَهْدَ بَنُو النَّضِيرِ ، وَأَمَّا قُرَيْظَةُ ، فَكَانَتْ أَشَدَّ الْيَهُودِ عَدَاوَةً لِرَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَغْلَظَهُمْ كُفْرًا ، وَلِذَلِكَ جَرَى عَلَيْهِمْ مَا لَمْ يَجْرِ عَلَى إِخْوَانِهِمْ ” .وفيما يلي نسرد لكم غزوات الرسول مع اليهود.

غزوة وادي القرى (بني قينقاع):

كانت من أولى غزوات الرسول مع اليهود، وهم أول من خان العهد من اليهود وذلك بسبب إخلالهم بالأمن ومجاهرتهم بالعدوان بعد انتصار المسلمين في غزوة بدر، كانت في نصف شوال سنة 2هـ، ووقعت هذه الغزوة على أطراف المدينة في ديار بني قينقاع.

الأسباب

  • خيانتهم العهد مع الرسول وإخلالهم بالأمن، ومجاهرتهم بالعدوان وحقدهم على الإسلام بعد انتصار المسلمين في غزوة بدر.
  •  الاعتداء على الأعراض، عن أبي عون قال: كان من أمر بني قينقاع أن امرأة من العرب قدمت بجلبٍ لها فباعته بسوق بني قينقاع، وجلست إلى صائغٍ بها، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها فأبت، فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها، فلما قامت انكشفت سوأتها، فضحكوا بها فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله، وكان يهوديًّا، وشدت اليهود على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود فغضب المسلمون، فوقع الشر بينهم وبين بني قينقاع.

الأحداث

سار إليهم النبي (ص) يحمل لواءه حمزة بن عبد المطلب عمه، وحين وصلوا ومعهم المسلمون فوجودهم قد تحصنوا بحصونهم فحاصرهم 15 يومًا، حتى استسلموا ونزلوا لحكم رسول الله فأمر بخروجهم من المدينة، فخرجوا إلى بلاد الشام.

قال تعالي: “قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ ۚ وَبِئْسَ الْمِهَادُ 12 قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا ۖ فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ ۚ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ” أل عمران (12، 13).

النتائج

  • هزيمة اليهود ونزولهم لأمر النبي، وخروج يهود بني قينقاع من المدينة.
  • انكشف حقد اليهود الذي انطوى في طبائعهم.
  •  أظهرت الغزوة منافقي المسلمين الموالين لليهود، مثل: عبدالله بن أبي بن سلول، ومن أجل ذلك نهى رب العزة سبحانه وتعالى المؤمنين عن موالاة اليهود والنصارى.

قال تعالى:”يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ أَوۡلِيَآءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ * فَتَرَى ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ يُسَٰرِعُونَ فِيهِمۡ يَقُولُونَ نَخۡشَىٰٓ أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٞۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن يَأۡتِيَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرٖ مِّنۡ عِندِهِۦ فَيُصۡبِحُواْ عَلَىٰ مَآ أَسَرُّواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ نَٰدِمِينَ” المائدة (51، 52).

غزوة بني النضير

ويهود بني النضير هم من الطوائف التي سكنت المدينة، وكانوا على عهد مع الرسول (ص)، ولكنهم كانوا يسعون لنقض هذا العهد حتى نقضوه حينما أتيحت الفرصة، وكانت الغزوة في ربيع الأول بعد غزوة أحد من السنة 4هـ، وقد حصروا في حصونهم.

الأسباب

  1. نقض العهد وتآمرهم مع المشركين ضد المسلمين، وإرشاد العدو لأماكن الضعف في المدينة.
  2. محاولتهم لتقل النبي (ص) حين ذهاب الرسول إليهم يطلب المساعدة في دفع دية قتيلين قتلهما “عمرو بن أمية” خطأ، فقبلوا مساعدته قائلين:” نعينك يا أبا القاسم”، ثم تآمروا على قتل رسول الله بإلقاء حجر من على سقف منزل كان يجلس بجواره.

الأحداث

بعد محاولتهم الدنيئة لقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث كادوا له وحاولوا إلقاء حجر عليه من أعلى سقف منزل كان يجلس بجوار جداره، لكن الله أخبره وعلى النبي غدرهم، فعاد النبي إلى المدينة وجمع المسلمين وساروا إليهم.

وكالعادة احتمى اليهود بحصونهم، وحاصرهم رسول الله، وهي الغزوة من غزوات الرسول مع اليهود التي قذف فيها الله في قلب اليهود الرعب حتى استسلموا ونزلوا إلى أمر النبي وطلبوا أن يخرجوا سالمين ومعهم الإبل والأموال وقبل النبي وخرجوا إلى خيبر وبلاد الشام.

قال تعالى:”هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِين كَفَروا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ مِن ديارِهِمْ لأوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظنَنتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِنَ اللهِ فَأَتاهُمُ اللُه مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهُمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنينَ فَاعْتَبِروا يا أُولي الأبْصَارِ” الحشر(2).

النتائج

  1. هزيمة يهود بني النضير وانتصار المسلمين عليهم.
  2. لعنة الله جل جلاله لهم وطردهم من رحمته، قال تعالى:” فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ۙ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ” المائدة (13).
  3. إجلائهم من المدينة المنورة.
  4. إسلام كلًا من “يامين بن عمير”، و”أبو سعد بن وهب”، وكانوا من بني النضير
  5. معرفة طبائع اليهود الفاسدة، حيث قاموا بتخريب بيوتهم بأيديهم قبل الخروج ومنها حتى لا ينتفع بها من بعدهم أحد، قال تعالى:” يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ” الحشر (2).

غزوة بني قريظة:

تعد هذه القبيلة هي الغزوة الثالثة في غزوات الرسول مع اليهود داخل المدينة، وكانت الغزوة بعد غزوة الخندق في العام 4 هـ، وقد وقعت في منازلهم بالمدينة.

الأسباب

  1. كما نعلم أن الغدر ونقض العهود شئ أصيل لا يخرج عنهم فقد نقضوا هم أيضًا العهد الذي بينهم وبين نبي الله، قال تعالى:”أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ” البقرة(100).
  2. غدرهم بالمسلمين في الظروف الصعبة وتحالفهم مع الأحزاب وهم: قبائل( قريش وغطفان)، والتآمر معهم على المسلمين.

الأحداث

  • بعد نهاية غزوة الأحزاب ومعرفة النبي غدر اليهود بهم ومهاجمتهم من الخلف في المعركة ، أمر الله جل جلاله النبي بالسير إلأى بني قريظة.

“عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله تعالى عنهما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنَا لَمَّا رَجَعَ مِنْ الْأَحْزَابِ: “لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ”، فَأَدْرَكَ بَعْضَهُمُ الْعَصْرُ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا نُصَلِّي حَتَّى نَأْتِيَهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ نُصَلِّي لَمْ يُرَدْ مِنَّا ذَلِكَ، فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ”.

  • حاصرهم النبي  25 ليلة حتى أنهكهم الحصار وشق عليهم، فنزلوا على أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونفذ فيهم أمر الله جل علاه، قال تعالى:”وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا ۚ وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا* وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَئُوهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا”. الأحزاب (25، 26).

النتائج

  1. هزيمة يهود بني قريظة على يد المسلمين
  2. التأكيد على صورة اليهود من غدرٍ ونقض للعهود.
  3. إخلاء تام لوجود اليهود في المدينة.

غزوة خيبر:

  • سميت خيبر بهذا الاسم نسبة إلى رجل من العماليق نزلها، وهو خيبر بن قانية بن مهلايل، وقال الحموي: أما لفظ خيبر فهو بلسان اليهود: الحصن.
  • وقعت غزوة خيبر في عام 7 هـ، حيث كانت تلك المدينة كبيرة ومحصنة بالحصون وتضم مزارع. تقع خيبر على بعد حوالي 165 كيلومترًا شمال المدينة على طريق الشام.
  • فتح خيبر كان من أهم الأحداث في تاريخ الإسلام. جاء بعد عودة المؤمنين من معركة الحديبية وبيعتهم للنبي محمد صلى الله عليه وسلم بما يعرف بـ “بيعة الرضوان”. كان الله يجزي المؤمنين على طاعتهم وصبرهم بفتح خيبر وتحقيق النجاح الروحي والمادي.
  • يشير التاريخ إلى أن يهود خيبر كانوا من أقوى الجماعات اليهودية في بلاد الحجاز، حيث كانوا يمتلكون عددًا كبيرًا وحصونًا قوية. كانوا يستخدمون المكر والمال والسلاح لمواجهة المسلمين.
  • حصون خيبر كانت تضم عشرة آلاف مقاتل، وكانوا يتحدون المسلمين بقوتهم ويتهكمون على محمد صلى الله عليه وسلم.

الأسباب

  1. خطر اليهود في المدينة: عندما اطمأن النبي صلى الله عليه وسلم من خطر اليهود في المدينة، قرر القضاء على آخر معقل لهم وهم بنو قريظة الذين كانوا يشكلون تهديدًا محققًا.
  2. الهدنة مع قريش: بعد هدنة الحديبية مع قريش وحلفائهم، كانت هناك حاجة لتأمين الحدود الشمالية للمدينة، وكان تجمع اليهود في خيبر يشكل تهديدًا.
  3. تحريض اليهود: يهود خيبر ساهموا في تحريض قبائل العرب على زحفهم على المدينة، وقاموا بحثزهم على الزحف والتحزب ضد المسلمين.

الأحداث

هزيمة اليهود وانتصار المسلمين، فكان فتح خيبر كان نجاحًا كبيرًا للمسلمين، حيث هزموا اليهود وحرروا المنطقة من تهديدهم.

النتائج

  1. إحباط قريش: فقدت قريش حليفها اليهودي، مما زاد من إحباطها وتقليل تأثيرها.
  2. مصالحة القبائل: تسارع الكثير من القبائل الموالية لقريش إلى مصالحة المسلمين، مما ساعد على فتح مكة ونشر الإسلام.
  3. تعزيز وضع المسلمين: تعززت مكانة المسلمين في أعين أعدائهم، وتحسنت وضعهم الاقتصادي.

تُظهر هذه الأحداث والنتائج كيف أثرت غزوة خيبر في تاريخ الإسلام وتأثيرها على العلاقات القبلية والسياسية في المنطقة.وفيما يلي نتناول تأثيرها على توسع الاسلام.

تأثير غزوات الرسول مع اليهود على توسع الإسلام

بعد فهم تأثير غزوات الرسول مع اليهود على توسع الإسلام، سنقوم الآن بسرد بعض الخطوات الرئيسية التي ساهمت في تحقيق هذا التوسع والنجاح الملحوظ:

  1. توسيع دائرة السلم والأمان: غزوات الرسول مع اليهود ساهمت في توسيع دائرة السلم والأمان في المنطقة، مما سمح بانتشار الإسلام وقبوله من قبل مجتمعات متنوعة.
  2. تعزيز مكانة المسلمين: نجاح هذه الغزوات والتغلب على التحديات اليهودية زاد من مكانة المسلمين وثبت وجودهم في المنطقة.
  3. الإشارة للسلام والعدالة: عندما تم التعامل مع اليهود بعدالة ووفقًا للمعاهدات، أظهر الإسلام قيمه المشتركة مع الديانات السابقة، مما دعم فهم إيجابي للدين الإسلامي.
  4. توحيد المنطقة: تمثل غزوات الرسول مع اليهود جزءًا من جهود توحيد الجزيرة العربية تحت راية واحدة، وساهمت في تقديم رؤية موحدة للمنطقة.
  5. توسيع الدعوة الإسلامية: نجاح هذه الغزوات ساهم في نشر الإسلام ودعوته إلى المزيد من الناس في المنطقة وخارجها.

و في سياق غزوات الرسول مع اليهود، تبرز القيم والأخلاق الإسلامية بوضوح، حيث تمثل هذه الفترة مرحلة هامة في تطبيق وتعزيز القيم الدينية والأخلاق في الحياة اليومية، نستعرض هذه القيم الجليلة فيما يلي.

الجوانب الدينية والأخلاقية

تجلى التفاني والعدالة والرحمة في تصرفات النبي صلى الله عليه وسلم أثناء غزواته، وأثرت هذه القيم على تشكيل المجتمع المسلم وتعزيز الوحدة والأخوة بين المسلمين:

  1. التوحيد والإيمان: تعزز غزوات الرسول مع اليهود التوحيد والإيمان بالله والتخلص من الشرك.
  2. العدالة والمساواة: تعزز العدالة والمساواة في تعامل المسلمين مع اليهود والمسلمين.
  3. الرحمة والتسامح: تجلى التسامح والرحمة في تعامل النبي مع اليهود وتعزز هذه القيم.
  4. الأخوة والتضامن: تعزز قيم الأخوة والتضامن بين المسلمين وتعزز الوحدة.
  5. التعليم والتوجيه: توفر غزوات النبي فرصًا للتعليم والتوجيه بشؤون الدين والأخلاق.
  6. الصدق والثبات: تعزز غزوات النبي الصدق والثبات في الأخلاق.
  7. الصبر والاستقامة: تظهر أهمية الصبر والاستقامة في وجه التحديات.
  8. الدعوة والتوعية: تساعد غزوات الرسول مع اليهود في نشر الدعوة الإسلامية والتوعية بقيم الإسلام.

وكل هذه الصفات والقيم تأخذنا لسرد العبر والدروس التي يتعلمها المسلمون على مر الزمان من غزوات الرسول مع اليهود.

العبر والدروس المستفادة

لقد استفاد المسلمون من تجربة غزوات الرسول مع اليهود، لما كان فيها من دروس واقعية للتعامل مع التحديات حتى في عصرنا الحاضر، ومن الدروس المستفادة:

  •  معرفة طبائع اليهود من غدر وخيانة:قال تعالى: “فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ ۚ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا”[النساء: ١٥٥].
  • ضرورة أخذ المسلمون بالأسباب: قال تعالى: ” وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ” [الأنفال: ٦٠].
  • الثقة بوعد الله جل علاه وأن النصر من عند الله: قال تعالى:”فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ ۚ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ ۚ وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ” [الأنفال: ١٧].
  • الولاء التام لله ورسوله: قال تعالى: “لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ” [المجادلة: ٢٢].
  • التأكد من أن الابتلاءات والكروب لا تزيد المؤمن إلا إيمانًا : وهذا بخلاف الذين في قلوبهم مرض، وهذا ما ظهر في غزوة بني قريظة.
  • وجوب التخطيط الجيد قبل الغزوة: فيراعي إعداد عُدة القتال وأخذ ما يلزم، واستطلاع أخبار العدو.
  • إن غزوات الرسول مع اليهود لم تكن للاعتداء عليهم أو نهبهم: فقد كانت الغزوات من أجل الدفاع عن المسلمين والقضاء على ما يؤذي الناس ويهددهم، ولنشر الدين الإسلامي.

في الختام:

بعد مرور الأعوام على غزوات الرسول مع اليهود مازلنا نتعلم منها ويتخذها المسلمون مثالًا وعظة، بالإضافة إلى أنها تعد من أفضل الغزوات التي تحوي مخططات حربية منيرة، كما تمهد لنا الطريق لمعرفة كيفية التعامل مع اليهود وضرورة أخذ الحذر منهم مهما أبرموا من المعاهدات ووعدوا الوعود.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى