خصّ الله سبحانه وتعالى العديد من آيات القرآن الكريم وسوره بفوائد عظيمة ، ومن بين هذه السور سورة الإخلاص ، والمعوذتين ، فهم أعظم سور القرآن بعد الفاتحة ؛ حيث جاء في فضائلهم أحاديث كثيرة تبين مدى عظمتم كثيرة جداً لدرجة أن بعض العلماء قاموا بتأليف مؤلفات فيها.
وقد جاءت عظمة هذه السور في أن قراءتها تحمي الإنسان وتحفظه بإذن الله من كل مكروه كالحوادث ، والمصائب؛ لأنه يلجأ إلى الله ويطلب حمايته، ويتعوذ به، كما أنها تتضمن معاني توحيد الله ، وتفويض الأمر إليه، وحسن التوكل عليه، وإليك أيها القارئ في هذا المقال كل ما قد تحتاج معرفته عن فضل الإخلاص والمعوذتين.
فضل الإخلاص والمعوذتين
للإخلاص والمعوذتين فضلً عظيم يستوجب على المسلمين المداومة على قراءتهم، وفيما يلي سنعرض لك تلك الفضائل بشكلٍ تفصيليّ.
أولًا فضائل المعوذتين
للمعوذتين الكثير من الفضائل وهي:
1 ـ الفضل الأول “الشفاء”
- قراءة المعوذات فيها الشفاء بإذن الله ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا مرض يقرأ المعوذات على نفسه ليُستشفى بها. والدليل على ذلك حديث عائشة رضي الله عنها ” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات ، وينفث ، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه ، وأمسح بيديه رجاء بركتها ” .
- في هذا الحديث تروي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم كان يستشفي بقراءة المعوذات ، وينفث بمعنى أنه كان ينفخ نفخاً لطيفاً في يده ويمسح بها على وجهه ، ونفسه ؛ حتى يزول الألم.
- هذا ، وقد خُصت المعوذات بذلك لما فيها من الاستعاذة من كل مكروه وسوء جملةً ، وتفصيلاً .
2 ـ الفضل الثاني “التحصين”
- تعد قراءة المعوذات عند النوم حصانة لمن يقرأها ، وذلك اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم . وخير دليل على ذلك حديث عائشة رضي الله عنها ” كان النبي – صلى الله عليه وسلم – إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما، فقرأ فيهما {قُلْ هُوَ الله أَحَد}، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَق}، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِ الناس } “.
- في هذا الحديث تروي عائشة رضي الله عنها أن النبي كان عندما يذهب إلى فراشه كل ليلة للنوم يجمع كفي يده بجانب بعضهما كما يفعل الداعي عند دعاؤه ، وينفخ فيهما بفمه ثم يقرأ الإخلاص والمعوذتين ثم يمسح بيديه بداية من رأسه ، وما استطاع من جسده ، ثم يكرر هذا الفعل مرتين ؛ حتى يكون فعل ذلك ثلاث مرات.
- وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك حفظاً لنفسه من المكاره.
3 ـ الفضل الثالث “قراءتها في الصباح والمساء تكفي من كل شيء”
- ينبغي على المسلم أن يحرص على قراءة المعوذات في الصباح والمساء ؛ لأنها تدفع السوء الذي يمكن أن يصيب الإنسان.
- وخير دليل على ذلك حديث معاذ بن عبد الله بن خبيب ، عن أبيه قال ” خرجنا في ليلة يصلي لنا قال فأدركته فقال : ” قل ” فلم أقل شيئا ، ثم قال ” قل ” فلم أٌل شيء ، قال : ” قل ” قلت : ما أقول ؟ قال : ” قل : ” هو الله أحد ” والمعوذتين ، حين تمسي وتصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء.
- هذا الحديث يبين فضل الإخلاص والمعوذتين ، كما يبين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حريصاً على أصحابه بل ، وأمته بمنافع الدنيا والآخرة.
- ويتبين ذلك من أمره صلى الله عليه وسلم الصحابي عبد الله بن خبيب بقراءة سورة الإخلاص والمعوذتين حين يصبح ثلاثاً ، وحين يمسي ثلاثاُ ؛ لتكفيه من كل شيء بمعنى أنها تحفظه بإذن الله من كل شر.
4 ـ الفضل الرابع “تُقرأ دبر كل صلاة”
- كذلك من الأحاديث الواردة في فضل المعوذتين أنها تُقرأ بعد كل صلاة مفروضة وخير دليل على ذلك حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال ” أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذات في دبر كل صلاة ” .
- يتبين من هذا الحديث أنه على المسلم أن يقرأ المعوذات بعد الانتهاء من كل صلاة يؤديها ؛ لأن بهما التجاء إلى الله سبحانه وتعالى ، وتعوذ به .
- أيضاً لم يخصص الحديث ولم ترد رواية تخصص قراءتها ثلاث مرات الا في الصباح والمساء ، أما دبر كل صلاة فهي تقال مرة واحدة فقط ، كما أن سورة الإخلاص تدخل فيهما تغليباً وعلى هذا اتفق العلماء .
5 ـ الفضل الخامس “لم يُرَ مثلهن”
- من الأحاديث الصحيحة الواردة في فضل المعوذتين أنها لا يوجد مثلها في القرآن من ناحية المعاني ، والبركة . وخير دليل على ذلك ، حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه ” قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : أُنزل ، أو أنزلت عليَّ آيات لم يُرَ مثلهن قط ، المعوذتين . ”
- في هذا الحديث يبين النبي صلى الله عليه وسلم لعقبة بن عامر ، ولأمته من بعده ، فضل آيات هذه السور العظيمة ، وما فيها من معاني ، وبركات ؛ حيث يطلب قارئها التعوذ بالله ، والالتجاء إليه وطلب الحماية من الله ، وهذا يدل على عظم شأن سورتي المعوذتين .
6 ـ الفضل السادس “ما تعّوذ متعوذ بمثلهما”
- أيضاً من الأحاديث الواردة في فضل المعوذتين أنها ما تعوذ متعوذ بمثلهما ، فهو يبين أنه على المرء أن يستعيذ بالله ، وآياته من شر خلقه .
- ويتبين ذلك من حديث عقبة بن عامر حيث قال “بينا أنا أسيرُ معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بينَ الجَحفَةِ والأبواءِ إذ غشِيتنا ريحٌ وظُلمةٌ شديدةٌ فجعلَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يتعوَّذُ ب { أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } و{ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ } ويقولُ يا عقبةُ تعوَّذْ بهما فما تعوَّذَ متعوِّذٌ بمثلِهما قالَ وسمعتُهُ يؤمُّنا بهما في الصَّلاةِ ” .
- يبين هذا الحديث أنه من الواجب على المسلم أن يتضرع إلى الله ويلجأ إليه وقت الخوف ، والشدة ، ويتعوذ بالله و بآياته من كل مكروه وسوء .
ثانيًا: فضائل سورة الإخلاص
لسورة الإخلاص العديد من الفضائل التي تختص بها أيضًا، وهذه الفضائل هي:
1 ـ أنها صفة الرحمن
- جاء في فضل سورة الإخلاص حديث يبين إثبات صفة المحبة لله ، والتي تليق بجلاله تعالى .
- وهذا الحديث هو حديث عائشة رضي الله عنه “أن النبي – صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاته فيختم ب: { قل هو الله أحد } فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: ( سلوه لأي شيء يصنع ذلك ؟ فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – أخبروه أن الله يحبه ” .
- في هذا الحديث تروي عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل رجلاً يعرف بـ قتادة بن النعمان إلى قطعة من الجيش تدعى سرية ، وجعله أميراً عليها ، وكان يختم قراءته في كل ركعة بسورة الإخلاص.
- فلما بلغ ذلك للنبي قال سلوه ما سبب قراءته لتلك السورة بتلك الكيفية ، فقال الرجل لأن بها ذكر الرحمن ، وما يتصف به ، وانا أحب أن أقرأ بها ، فقال النبي أخبروه أن الله يحبه جزاءً لمحبته لتلك السورة ،
- ومما سبق دل هذا الحديث على أن سورة الإخلاص موجبة لحب الله سبحانه وتعالى .
2 ـ حبها يوجب دخول الجنة
- أيضاً من الأحاديث الواردة في فضل سورة الإخلاص أن حبها يوجب دخول الجنة ، وخير دليل على ذلك حديث الصحابي الذي قال لرسول الله إني أحب سورة الإخلاص في الحديث الوارد عن أنس أن رجلا قال ” يا رسول الله إني أحب هذه السورة، {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}، فقال: «إن حبك إياها يدخلك الجنة».
- يتبين من هذا الحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن حب سورة الإخلاص مُبشر بدخول الجنة .
3 ـ تعدل ثلث القرآن
- مما جاء في فضل سورة الإخلاص أنها تعدل ثلث القرآن ، وخير دليل على ذلك حديث أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلةٍ ثلث القرآن ؟ قالوا : وكيف يقرأ ثلث القرآن . قال : قل هو الله أحد تعدل تعدل ثلثَ القرآن ”
- يتبين من هذا الحديث فضل سورة الإخلاص ، وما تختص به من الفضل العظيم فمن يقرأها له جزاء قراءة ثلث القرآن .
وقبل أن نختم الحديث عن فضائل سورة الإخلاص، نذكركم أنه من الأحاديث الموضوعة في فضل سورة الإخلاص أن من قرأها عشر مرات يبني الله له بيتاً في الجنة . من قرأ سورة الإخلاص قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ” حتى يختمها عشر مرات بنى الله له قصرا في الجنة . فقال عمر بن الخطاب : إذاً أستكثر يا رسول الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الله أكثر وأطيب ”
وقد تحرى علماء الحديث رجال سند الحديث الموصل لمتنه فقالوا أنه حديث ضعيف ، وموضوع ؛ لأن علماء الحديث ضعّفوا بعض الرواة من سند الحديث مثل زبان ،وابن لهيعة ، ورشدين بن سعد .
والصحيح أن هذه السورة عظيمة ، و تعدل ثلث القرآن بحديث صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن قراءتها عشر مرات يبني قصراً في الجنة فلم يثبت حديث صحيح عن النبي بذلك .
فضل قراءة المعوذتين والإخلاص بعد الصلاة
كما ذكرنا، فإنه من المهم للمسلم أن يواظب على قراءة المعوذتين والإخلاص بعد كل صلاة لما في ذلك من التجاءٍ لله سبحانه وتعالى وتعوّذٍ به، والدليل على ذلك حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: “أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذات في دبر كل صلاة”.
فضل قراءة الإخلاص والمعوذتين قبل النوم
- لقراءة الإخلاص والمعوذتين قبل النوم أهمية كبيرة، فهي بمثابة تحصينٍ للمسلم من كل سوء، وحفظًا له من المكاره، وفي فعل ذلك اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم.
- والدليل على ذلك حديث عائشة رضي الله عنها ” كان النبي – صلى الله عليه وسلم – إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما، فقرأ فيهما {قُلْ هُوَ الله أَحَد}، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَق}، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِ الناس}”.
في نهاية المقال ، نذكر أننا بينا فضل الإخلاص والمعوذتين وتبين لنا عظم هذه السور ، فعلى كل مسلم أن يسارع لنيل فوائدها العظيمة ؛ لأنها تحفظ الإنسان ، وتكفيه شر البلايا ، كما ينصح بقراءتها لكل من أصيب بأمر معنوي كالحسد ، والعين ، والسحر ، وغير ذلك .