فضيلة الصلاة في المسجد وآدابها
التعاليم الشرعية التي تجرى في المسجد تعتبر من أهم الآداب التي يتبعها المسلمون، إذ إن المسجد هو أول مدرسة القى فيها التربية الرسمية للمسلمين والصحابة الكرام.
وكانوا من أفضل الأمم الذي عرفتها البشرية، فهم يسكنون بيت المؤمن.
وهو أجمل بقاع الأرض إلى الله عز وجل،
ووعد الله من تعلق قلبه بالمسجد أن يظله تحت ظله يوم القيامة.
كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في السبعة الذين يظلهم الله: (ورجل قلبه معلق بالمساجد).
وكان الصحابة والتابعين أصحاب العزيمة القوية يتسارعون الى المسجد.
فيجب على الإنسان أن يشعر بهذا الشرف، وأيضا يتخيل كيف أن التاريخ والحضارة قد شكلوا هذا المكان وجعلوا الناس يحترمونه ويقدرونه.
كما يمارس الفرد أدبًا كاملًا بجميع جوانبه، ويعمل بجهد كبير، ويستحق المكان العظيم هذا قيامه بذلك. قال الله تعالى (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ).
في مقالنا، سنتحدث عن سلوكيات المسجد والتي يجب على جميع المسلمين الالتزام بها عند زيارة بيت الله.
ما أروع أن تخرج من المنزل وانت تدرك فضل صلاة الجماعة في المسجد حيث قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
(وكتب الله له بها حسنة فإذا وصل المسجد لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه تقول اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم تب عليه ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة ما لم يؤذ، أو يحدث).
آداب المسجد العامة
1- أن تخرج متطيباً بأجمل ثياب فإن الله هو أحق من تتزين له عاملاً بقول الله تعالى:
”يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد” ومن الأشياء المستحبة استخدام السواك مثل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، ويجب وضع ملابس جميلة لصلاة الجمعة والعيدين للتزين بها.
ونهى الرسول الكريم عن دخول أي شخص المسجد إذا كان قد تناول الثوم، أو البصل. قائلاً: “مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ، وَالثُّومَ، وَالْكُرَّاثَ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَم”. وبناءً عليه، فإن التدخين وارتداء الملابس الكريهة، مثل الجوارب، هي أشد ضرراً على المصلين، حيث تؤذي المصلين بشدة.
2- أن تذهب وتغشاك السكينة، والهدوء و الخشوع يملأ قلبك:
صرّح أبو هريرة رضي الله عنه بأنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:“إِذَا سَمِعْتُمُ الْإِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى الصَّلَاةِ وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ وَلَا تُسْرِعُوا، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فأتموا”.
3- الذهاب مبكرا:
يجب عليك أن تحرص على الذهاب مبكرًا لتأخذ صفًا في الصف الأول وأن تقوم بالتكبيرة الإحرام التي تعتبر ممارسة مستحبة. حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم :” لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ”.
4- تحصيل الثواب الأكثر بالمشي للمسجد:
من الأفضل أن تذهب ماشياً إلى المسجد إذا لم يكن هناك أي عائق مثل المرض أو الخوف من تأخر الصلاة. وقد قال صلى الله عليه وسلم: “أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّه بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟” قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّه، قَالَ: “إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الخطأ إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ”. كما ذكر أبو هريرة رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ، وَأَتُوهَا تَمْشُونَ وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا”.
5- ذكر الله أثناء المشي للمسجد:
أثناء الذهاب إلى المسجد اذكر الله سبحانه وتعالى، فلا يجوز أبدا أن نتوجه نحو طريق الطاعة ونقوم بأفعال المعصية، فقد نجد بعض الناس يدخنون في طريقهم إلى الجامع، أو يتحدثون عن الآخرين بشكل سيئ، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم، في دعائه لرحلته إلى المسجد يقول « اللهم اجعل في قلبي نوراً، وفي بصري نوراً، وفي سمعي نوراً، وعن يميني نوراً، وعن يساري نوراً، وفوقي نوراً، وتحتي نوراً، وأمامي نوراً، وخلفي نوراً، وعظم لي نوراً.. ».
6- عدم تشبيك الأصابع:
نهى الرسول صلى الله عليه وعن عدم تشبيك الأصابع قبل الصلاة أو عند الخروج للمسجد، وأوصى بالاهتمام بالوضوء قبل الصلاة. وقد قال الرسول الكريم: «إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه، ثم خرج عامداً إلى المسجد، فلا يشبكن بين أصابعه فإنه في صلاة».
7- دخول المسجد بالقدم اليمنى:
عند دخول الرجل للمسجد، يجب أن يدخل برجله اليمنى، وعندما يخرج يجب أن يخرج برجله اليسرى. وقد ذكر أنس بن مالك رضي الله عنه سنة هذا الأمر حيث قال:”ومن السنة إذا دخلت المسجد أن تبدأ برجلك اليمنى، وإذا خرجت أن تبدأ برجلك اليسرى فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن: في تنعله، وترجله، وطهوره، وفي شأنه كله”، أما الدخول باليمنى والخروج باليسرى فهو فقط سنة، ولكن من الأفضل اتباعها تعظيماً للبيت الحرام واتباعاً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
8- الدعاء المستحب عند دخول المسجد:
عندما يدخل المسجد يُفضل أن يقول: أحمد الله العظيم، وألجأ إلى وجهه الكريم، وسلطانه القديم، من الشيطان اللعين. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: “إذا دخل أحدكم المسجد، فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك”.
9- سنة دخول المسجد “تحية المسجد”:
عندما يدخل المسجد يُفضل أن يقول: أحمد الله العظيم، وألجأ إلى وجهه الكريم، وسلطانه القديم، من الشيطان اللعين. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: “إذا دخل أحدكم المسجد، فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك”.
10- عدم الخروج من المسجد قبل الصلاة:
عندما تدخل المسجد، ينبغي عليك أداء ركعتين تنفيذاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين”، وتدعم هذه الفكرة أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب، وجلس الرجل، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان قد أدى صلاته فأجاب بالنفي، فأوصاه الرسول بالقيام وأداء ركعتين ويمكنه بعد ذلك الجلوس.
11- عدم رفع الصوت لا بذكر ولا بغيره:
جُعِلَتْ بيوتُ اللهِ لِذِكْرِ اللهِ، والتهليل، وقراءة القُرآنِ، وقَالَ تعالى: “فِي بُيُوتٍ إذن اللهُ أن تُرْفَعَ وَيُذكَر فيهَا اسمه”. ولا يَجُوزُ رَفْعُ الصَوْتِ في قراءة القُرآنِ ولا في غَيْرِه، وقَدْ نَهَى النَبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن إيذاءِ القَارِئِ لأخيه المُسْلِمِ، فَقَالَ: “لا يَجْهَرُ بَعْضُكم عَلَى بَعْضٍ بِالقُرآنِ”.
12- عدم إشغال المسجد والمصلين بأمور الدنيا كالبيع:
يجب على العبد عدم التفكير كثيراً في أمور الدنيا، ويمكنه القيام بالقليل فقط منها، شريطة أن لا يضر المصلين، ولا يجوز البيع والشراء والبحث عن الاشياء المفقودة في المسجد، كالنداء على ضالة، وهذا كله غير جائز، وفي الحديث الصحيح “إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك”. وعن الرسول صلى الله عليه وسلم« من سمع رجلاً ينشد ضالته في المسجد فليقل “لا ردها الله عليك”. ومن الممكن كتابة هذه الجملة على جدران المسجد. وعندما يتم الصلاة، يجب الحرص على الوقوف في الصف الأول، وتسوية الصفوف، والوقوف على الجانب الأيمن من الصف، وفي تسوية الصفوف ثواب كبير، لقوله ﷺ:”ومن وصل صفاً وصله الله، ومن قطع صفاً قطعه الله”.
13- تعظيم كلام الله:
عندما تجلس في المسجد، يجب أن تتذكر الله وتحرص على عدم تمديد قدمك نحو مصاحف القرآن تأدبًا واحترامًا لكتاب الله سبحانه وتعالى.
آداب دخول المسجد
- يُفضل دخول المسجد بالقدم اليمنى، وذلك بناءً على قول الصحابي أنس، حيث أشار إلى أنه من السنة إذا دخلت المسجد أن تبدأ برجلك اليمنى، وإذا خرجت أن تبدأ برجلك اليسرى، والصحيح أن قول الصحابي من السنة.
- تحية المسجد” هي صلاة تتألف من ركعتين خفيفتين قبل الصلاة الرئيسية، ويأتي ذلك استجابة لأمر النبي محمد صلى الله عليه وسلم.إذا دخل أحد الأشخاص إلى المسجد، يتوجب عليه أن لا يجلس قبل أن يصلي ركعتين.
- تحية للمصلين، لأن عبد الله بن مسعود قد روى أنه كان يصلي على النبي عند دخوله المسجد، وكان النبي يرد عليه، ولكن عندما عادوا للمسجد، لم يرد النبي على ابن مسعود، وقال له: “إن في الصلاة لشغلاً “. أو بمعنى آخر، “في الصلاة ضروريات يجب عليك الانتباه لها”.
- يجب الامتناع عن تجاوز الأشخاص الجالسين في خطبة الجمعة وعدم تجاوز الحواجز ، بل الجلوس في مكان فارغ يتسع لك.
الدعاء المستحب عند دخول المسجد:
يُنصَحُ عِندَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ ان نقول: أَعُوذُ بِاللَّهِ العَظِيمِ وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وقال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ”.
آداب الخروج من المسجد
- ينصح بمغادرة المسجد باستخدام القدم اليسرى، وذلك نظراً لقول الصحابي أنس بأنه من السنة بدء الدخول بالقدم اليمنى، والخروج بالقدم اليسرى، وهذا هو الرأي الصحيح.
- لا يسمح باستخدام المسجد للتجارة أو الشراء أو السؤال عن أموال.
- قد يكون من الوارد وجود مصلين آخرين، لذلك من المهم عدم رفع الصوت أثناء الخروج من المسجد وذلك لعدم شغل المصلين الآخرين.
- من الأفضل للأشخاص أن يتأنوا بالخروج من المسجد بعد الصلاة مباشرة، حيث يجب عليهم الجلوس لبعض الوقت وذكر الله، إضافة إلى قراءة بعض الأذكار الواردة في السنة. وبانتظار الشخص في المسجد يكون محظوظًا بدعوة الملائكة له طوال فترة جلوسه في المسجد، وسيستمر ذلك حتى يخرج من المسجد أو يفقد وضوءه وفقا لما تحدث به رسول الله.
الدعاء المستحب عند الخروج من المسجد
عند مغادرته يقوم الفرد بتقديم قدمه اليسرى ويقول:”بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم إني أسألك من فضلك، اللهم أَجِرْنِي من الشيطان”.
آداب المسجد للأطفال
يجب أن يُرافق الأطفال إلى المسجد وتعليمهم العادات والتقاليد الخاصة بالدين لكي يتعودوا عليها، ويجب تعليمهم فوائد ومزايا الصلاة الجماعية. لكن قبل اصطحابهم إلى المسجد، يجب علينا تعليمهم كيفية السلوك والأدب في بيت الله، وتوضيح لهم أهمية حفظ هذا المكان والمصلين فيه.
فمن آداب المسجد الضروري تعليمها للأطفال:
- “الامتناع عن الحديث واللعب والترفيه داخل المسجد، بل هو موطن للعبادة والدعاء فقط.”
- يُفضل تنظيف ملابسهم بأكثر الطرق نظافة، وارتداء أنظف الملابس، واستخدام فرشاة الأسنان لتنظيفها بشكل دقيق، أو عملها بالسوك أفضل.
- تأكيد على عدم تشويشهم لتشكيل صف المسلمين، حيث يتطلب تعليمهم الثبات والاستقرار في موقفهم داخل الصف.
- تعليمهم عدم خروجهم من الصلاة بصوت عالٍ مع وجود مجموعة أخرى من المصلين أو اختلال الأداء للصلوات السنية لشخص آخر.
- كثيرٌ منهم يلتزمون بقراءة القرآن في المسجد ليلتفتوا إلى الله و يتجنبوا القلق وعدم الانضباط الذهني.
وتم الحديث سابقاً بشأن القول “جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم” بأنه حديث مروي، ولكن ذلك غير صحيح ولا يمكن الاستناد إليه، وإنما هو ضعيف ولعله موضوع. وبالعكس، هناك الكثير من الأحاديث التي تشجع على اصطحاب الأطفال للمساجد وتربيتهم على الصلاة وتهذيب نفوسهم، وتقديم نموذج لهم.