محتويات
الإنسان كائن اجتماعي بطبعه، ولا يوجد إنسان سوي يعيش منعزلًا عن سائر العالم والمجتمع من حوله. فمن الطبيعي أن يكون الإنسان صداقات وأن يكون له معارف وأقرباء يتحابون ويتوادون ويتزاورون في ما بينهم من عيادة مريض ومشاركة للفرح أو تعزية في حزن أو في المناسبات العامة والعطل والمناسبات الرسمية والدينية كالأعياد.
وفي ديننا الإسلام الحنيف وضح الله تعالى لنا في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة آداب الزيارة العامة لكل شيء حتى تصلح الحياة بين الناس والمسلمين ويعم السلام والطمأنينة بالتزام هذه الآداب وتطبيقيها في ما بينهم. ومن هذه الآداب التي بينها لنا الإسلام آداب الزيارة. فالزيارة أمر متعارف بين البشر مذ قديم الأزل يستأنس بها بعضهم ببعض ويعين بها بعضهم بعض، والإنسان يشعر بالمؤازرة والأخوة حين يزوره أحبائه واخوته في مرض وفرح وحزن وخلافه، وإذا ما قيدت هذه الزيارات بالآداب التي تراعي مشاعر الطرفين وحرمات البيوت لفسدت الأرض ولعمت الكراهية والبغضاء بين المسلمين والبشر.
وفي هذا المقال نتناول آداب الزيارة المفروضة على الطرفين.
ماهي آداب الزيارة في الاسلام ؟
1- استحضار النية الصالحة
النوايا في الإسلام من أصول الأعمال، والمسلم يؤجر على نيته الصالحة وإن لم يتيسر له العمل بها قال صلى الله عليه وسلم ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرؤ ما نوى ) والنوايا الصالحة أيضًا سببًا في تيسير الأعمال، لذلك وجب على المسلم أن يجدد نيته ويخلصها لله تعالى قبل الزيارة، ومن النوايا التي يمكن أن ينوها المسلم قبل الزيارات إدخال السرور على قلب أخيه المسلم، ومنها أيضًا صلة الرحم، ومنها التحاب في الله وتعزيز رابطة الأخوة بين المسلمين.
2- الاستئذان قبل الذهاب
الاستئذان من الآداب التي شدد عليها الإسلام ويرجع ذلك لأهميتها الشديدة وأثرها على النفوس والمودة بين الأفراد حيث قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ* فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ}.
فالزيارات المفاجئة تعود بالإحراج على الزائر والضيق الشديد للمزار لما قد يراه الناس على ما يكره أن يُرى عليه
3- الابتعاد عن الأوقات المنهي عنها
وذلك في قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }
وفي هذه الآية يوضح الله تعالى الأوقات المنهي عن زيارة الغير فيها، فيبدأ بقبل صلاة الفجر لأن الغالب أن يكون أهل البيت نيام، ووقت الظهيرة فالغالب على البعض أن يأخذ قيلولة أو يضع ثيابه بمعنى أن يكون مرتاحًا في بيته مع أهله وغير مستعد للزيارات، ومن بعد صلاة العشاء لأن الغالب أن النوم يكون في هذا الوقت وحتى قبل الفجر.
ويُلاحظ أيضًا في هذه الآية أن الخطاب لم يكن موجهًا للأجانب أو الأغراب وعامة الناس وإنما كان موجهًا لملك اليمين والخدم وهم يعدون من القريبين لأهل البيت أو من أهله عن بعض الأشخاص، فإذا كان الخطاب للقريبين فالأجانب أولى بالإستئذان وتجنب الأوقات المنهي عنها.
اقرأ ايضا: ماهي آداب الكلام والمزاح
4- عدم تكرار الزيارات
من الآداب العامة للزيارات أن تكون الزيارات متباعدة ويفضل أن تكون في المناسبات الرسمية والعامة والأعياد، فمن الإثقال على أهل البيت أن تزورهم كل يوم أو يومين في الاسبوع أو مرتين في الشهر، وخاصة عيادة المريض فالأفضل فيها أن تقوم بزيارته مره واحدة زيارة خفيفة لا إطالة فيها تدعو له بالشفاء والعافية.((saaid.net))
5- التخفيف من وقت الزيارة
من الثقل أيضًا أن يطول وقت الزيارة وهو يعد من سوء الأدب فأنت لا تعرف ظروف الأشخاص ولا أحوالهم، فربما هناك من هو مرتبط بموعد، أو يستثقل قضاء كل هذا الوقت أو يحتاج للراحة.
6- غض البصر عن محارم البيت
فلا يتفحص البيت بعينيه ويطيل النظر للأماكن فربما يقع بعينه على محارم البيت من النساء أو الغرف أو ما يودون إخفاءه عن الضيوف والزائرين، قال ابن عباس في قوله: { يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ } وهو الرجل يدخل على أهل البيت بيتهم، وفيهم المرأة الحسناء، أو تمر به وبهم المرأة الحسناء، فإذا غفلوا لحظ إليها، فإذا فطنوا غَضّ، فإذا غفلوا لحظ، فإذا فطنوا غض [ بصره عنها ]، وقد اطلع الله من قلبه أنه وَدّ أن لو اطلع على فرجها].
7- أن يلتزم بالمكان الذي أجلسه فيه صاحب البيت
ولا يقم من مكانه يجول في البيت ويتعدى على الممتلكان يتفحصها ويستكشفها، كما لا يعط نفسه الحق بالسؤال عن أي شيء بالبيت ولا عن أثاثه وسعره وأماكن شراءه ولا ينتقد أي شيء اختاره أهل البيت ولا يبدي رأيه في جمال المنزل أو عدمه ولا يرفع صوته بالحديث، كما أنه من زار الناس ومعه أطفال فعليه أن بؤدبهم قبل الذهاب فلا يترك أولاده يلعبون يخربون بيوت الناس ويقتحمون خصوصياتهم بل عليه أن يعلمهم آداب الزيارة والآداب العامة في التعامل مع الآخرين فقد قال صلى الله عليه وسلم ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) ولا يجب أن يُحمل أي شخص عواقب تقصيره مع أطفاله. ومع هذا فيجب على صاحبي البيت أن يتسع صدره لبعض أخطاء الأطفال غير المقصودة إذا التمس من أهلهم الإحراج ومحاولات التهذيب وغير ذلك.
8- لا يؤم أهل البيت
قد يغفل الكثيرين عن هذا الأمر لكن لا يجب أبدًا أن يتقدم الزائر للإمامة ما لم يأذن له صاحب البيت ويقدمه لها،في هذا الأمر ورد حديث عند الإمام أحمد والترمذي وأبو داود، عَنْ أَبِى عَطِيَّةَ قَالَ: كَانَ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ يَأْتِينَا فِي مُصَلاَّنَا يَتَحَدَّثُ، فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ يَوْمًا فَقُلْنَا لَهُ تَقَدَّمْ ؟ فَقَالَ: لِيَتَقَدَّمْ بَعْضُكُمْ، حَتَّى أُحَدِّثَكُمْ لِمَ لاَ أَتَقَدَّمُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ” مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلاَ يَؤُمَّهُمْ، وَلْيَؤُمَّهُمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ )) و هو حديث حسن صحيح
9- عدم الانصراف إلا بعد استئذان أهل البيت
فقد حضر الضيف بالإذن وعليه الذهاب بالإذن أيضَا وذلك لعدة أسباب فمنها أن يعلم صاحب برغبته في الذهاب فربما أعد له ما يضيفه به كطعام أو غيره أعده له خصيصًا فلا يجب على الزائر أن يرد دعوته.
ومنها أن يمهد صاحب البيت للزائر طريق الخروج ويرافقه للباب بحيث لا يطلع على ما يكره صاحب البيت أن يطلع عليه أحد، ولا يكن في طريقه أحد من نساء البيت ومحارمه، وقد لا يعرف الزائر طريق الباب وحده خاصة إذا ما كان البيت كبير.
10- شكر أهل البيت على استضافتهم
وهو من أهم الآداب فعليك قبل الذهاب شكر أهل البيت على حسن ضيافتهم لك وكرمهم ومدحهم والدعاء لهم بالبركة في المال والولد.
اقرأ المزيد في: آداب تلاوة القرآن الكريم