ماهو تفسير يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام وسبب نزولها
“يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون”.
تلك هي آية فرضية الصيام، والذي فرض على أمة الإسلام في العام الثاني من الهجرة، وفي هذا المقال نتعرف معًا على تفسير تلك الآية الكريمة وما يدور حولها من أحكام وغيره.
اقرأ أيضًا.. فضل صيام الاثنين والخميس الصحية والأيام البيض من كل شهر.
تفسير يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام
قال تعالى في سورة البقرة “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون”، وإليك تفسير تلك الآية الكريمة
1- المقصود بقوله تعالى ” يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام”
- والمعنى هنا أي كتب عليكم صيام شهر رمضان المبارك، ومعنى كلمة كتب في الآية أي أوجب عليكم الصيام وفرضه عليكم.
- وتعريف كلمة الصيام في اللغة أي: الإمساك، ومن ذلك قوله تعالى “فقولي إني نذرت للرحمن صومًا” أي إمساكً عن الكلام.
- وفي تعريف كلمة الصيام في الشريعة فهو: الإمساك عن الطعام والشراب والجماع مع النية في وقت محدد.
- وفي النداء بقوله “يا أيها الذين آمنوا، وهي صفة محببة إلى النفس، يخبرنا الله تبارك وتعالى أن الصوم هو إحدى علامات الإيمان، وأن من أدى فريضة الصوم فقد اتكمل علامات الإيمان.
- ويدل على ما سبق قول النبي صلى الله عليه وسلم: ” مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدَّم مِن ذنبه”
- وفي التعبير عن إيجاب الصيام باللفظ “كتب”، نلاحظ أن الله تبارك وتعالى ذكر لفظ كتب أيضًا قبل الحديث عن فريضة الصيام بآياتٍ قليلة، فقال تعالى” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى”، كما ذكر لفظ كتب أيًا بعد آيات الصوم وذلك في قوله” كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ”
- ويدل ذكر لفظ كتب فيما سبق قبل آيات الصوم وبعدها على أن الإسلام دين متكامل، يميز بشمولية نظامه لجميع مظاهر الحياة”.
2- معنى قوله “كما كتب على الذين من قبلكم”
- والمعنى هناك أي كما كتب الصيام على الأنبياء والأمم من قبلكم.
- ومن أقوال بعض أهل العلم في ذلك: “أراد أَنَّ صِيَامَ رَمَضَانَ كَانَ وَاجِبًا عَلَى النَّصَارَى، كَمَا فُرِضَ عَلَيْنَا، فَرُبَّمَا كَانَ يَقَعُ فِي الْحَرِّ الشَّدِيدِ وَالْبَرْدِ الشَّدِيدِ، وَكَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ فِي أَسْفَارِهِمْ وَيَضُرُّهُمْ فِي مَعَايِشِهِمْ، فَاجْتَمَعَ رَأْيُ عُلَمَائِهِمْ وَرُؤَسَائِهِمْ عَلَى أَنْ يَجْعَلُوا صِيَامَهُمْ فِي فَصْلٍ مِنَ السَّنَةِ بَيْنَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، فَجَعَلُوهُ فِي الرَّبِيعِ وَزَادُوا فِيهِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ كَفَّارَةً لِمَا صَنَعُوا”
3- معنى “لعلكم تتقون”
- المعنى هنا أي لعلكم تتقون بالصوم، وذلك لأن الصوم إحدى العبادات التي تصلك بالتقوى، وذلك لخصائصه التي تعملك ترك الشهوات وقهر النفس وكسرها، من الامتناع عن الملذات.
- وقيل أيضًا في معنى “لعلكم تتقون”: أي لعلكم تحذرون من الوقوع في الشهوات من الجماع والأكل والشرب.
- ويتبين لنا من الآية الكريمة أيضًا أن غاية الصوم وأهم مقاصده هو تقوى الله عز وجل.
- ويقول الإمام ابن القيم في ذلك: ” وللصومِ تأثيرٌ عجيبٌ في حِفْظ الجوارح الظاهرة، والقُوَى الباطنة، وحميتها عن التخليطِ الجالِب لها الموادَّ الفاسدة، التي إذا استولتْ عليها أفسدتْها، واستفراغ الموادِّ الرديئة المانِعة لها من صحَّتها، فالصومُ يحفظ على القلْب والجوارح صِحَّتَها، ويُعيد إليها ما استلبتْه منها أيدي الشهوات، فهو مِن أكبر العَوْن على التَّقْوى”
- ولصاحب الظلال أيضًا قول في ذلك، ويبين فيه أن الغاية الكبيرة من الصوم إنما هي تقوى الله عز وجل، فهي تستيقظ في قلوب العباد أثناء تأدية تلك الفريضة، وهي التي تقوم بحراسة القلوب من إفساد الصوم بالمعصية.
- ويقول صاحب الظلال أيضًا: ” المخاطَبون بهذا القرآن يَعلمون مقامَ التقوى عندَ الله، ووزنها في ميزانه، فهي غايةٌ تتطلع إليها أرواحُهم، وهذا الصوم أداةٌ من أدواتها، وطريقٌ موصل إليها، ومِن ثَمَّ يرفعها السِّياق أمامَ عيونهم هدفًا وضيئًا يتَّجهون إليه عن طريقِ الصيام؛ ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾.
سبب نزول يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام
من المعلوم أن الصيام وكما نص العلماء فرض في السنة الثانية في الهجرة.
- وآية “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” لم يذكر العلماء فيها سببًا معينًا للنزول.
- وليست كل الآيات التي في كتاب الله تعالى ذكر فيها سبب معين للنزول، فهناك الكثير من الأحكام التي فرضت في القرآن الكريم ابتداءً، ودون أن يكون لذلك سبب معين.
سورة يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام
“يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام” إنما هي جزء من الآية 183 من سورة البقرة، وليست سورة.، والآية كاملة هي: “ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”.
ولسورة البقرة التي ذكرت فيها آية الصيام فضائل عظيمة، منها:
1- فيها أعظم آية في القرآن
- تضم سورة البقرة آية الكرسي التي تعتبر أعظم آية في القرآن.
- ودليل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟”. قال: قلت الله ورسوله أعلم قال: “يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟”. قال: قلت (الله لا إله إلا هو الحي القيوم..).قال فضرب في صدري وقال: “والله ليهنك العلم أبا المنذر”
2- أنها كافية حافظة لمن يقرؤها
- قراءة سورة البقرة يكفيك ويحفظك بأمر الله تعالى من شياطين الجن والإنس.
- ودل على ما سبق قوله صلى الله عليه وسلم” من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه”
3- تطرد الشياطين من البيوت
- من فضائل سورة البقرة أيضًا أنها طاردة للشياطين، فوقعها شديد عليهم.
- ومن الأدلة على ذلك حديث أبي هريرة ضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنْ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ)
4- شافعة للعبد
- سورة البقرة تشفع لقارئها يوم القيامة، ولذلك لبركتها.
- وقد ثبت ذلك في السنة النبوية الشريفة، والدليل حديث أبي أمامة قال: “سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ[7] أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ[8] تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ”.
يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كاملة
ذكرت آية فرضية الصيام في سورة البقرة، الآية رقم 183.
- والآية كاملة هي: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”
- ومعنى الآية أي: أوجب عليكم الصيام أيها المؤمنون، كما أوجب على الأمم من قبلكم، والمقصود بلعلكم تتقون، أي لعلكم تتقوا الشرب والأكل والجماع في الوقت الذي يجب فيه الصوم.
- وقد ذكرنا تفسير الآية بشكلٍ تفصيليّ في بداية المقال، يمكنك العودة إليه وقراءته.
الفرق بين كتب عليكم وفرض عليكم
يتبادر إلى ذهب الكثيرين، لماذا قال الله تبارك وتعالى كتب عليكم الصيام ولم يقل فرض عليكم؟
- وقال أهل العلم في ذلك أن كلمة كتب تحمل معنى كلمة الفرض بل وزيادة.
- وهذه الزيادة التي يشتملها معنى كتب هي أن الله تبارك وتعالى فرض عليكم الصيام وسجله عنده، وذلك كمثل من اقترض شيئًا فقام بتسجيله والتوقيع عليه، فالزيادة هنا هي التوثيق.
كانت هذه أهم الإجابات التي قد تحتاجها حول أي سؤال يدور عن آية الصيام ” يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام..”.
اقرأ أيضًا.. نصائح رمضانية غذائية وصحية لصوم صحي في رمضان.