تعريف العنف ضد الأطفال وأسبابه وأضراره وطرق علاجه
يعد العنف ضد الأطفال من أهم المشكلات التي يعاني منها المجتمع، في عصرنا الحالي، نظراً لما يترتب عليها من تأثيرات سلبية خطيرة، فالأطفال هم المستقبل، وفكرة تركهم يتعرضون لتلك الظاهرة التي تدمرهم، وتضعف من ثقتهم في أنفسهم، وقدرتهم على تحمل المسؤولية؛ ما هي إلا تدمير حتمي للمجتمع.
فلا يمكن أن يخرج لنا استخدام العنف في التربية أشخاص أسوياء، قادرين على النهضة والارتقاء بمجتمعهم، لذا يرغب الكثير من الناس في معرفة معلومات تفصيلية، عن ظاهرة العنف ضد الأطفال، ولعلك يا عزيزي واحد منهم، لذا سنقدم لك تعريف دقيق لها، كما سنتعرف سوياً على أسبابها، ونتائجها، والكثير من المعلومات حولها، فتابع لتعرف.
اقرأ أيضاً العنف أسبابه وأضراره على المجتمع
تعريف العنف ضد الأطفال
يعرف بأنه تعرض الأطفال أو من يقل أعمارهم عن 18 عام، لأي معاملة سيئة أو إيذاء مقصود، وقد يتخذ العنف أشكالاً كثيرة، فقد يكون عاطفي، أو جسدي، أو الإتجار بالأطفال، أو الاعتداء الجنسي عليهم، أو ابتزازهم، أو تعرضهم للإهمال.
وقد يصل تأثير العنف ضد الأطفال إلى إنهاء حياتهم، أو الإضرار بصحتهم، أو نموهم وتطورهم العقلي، وصحتهم النفسية، كما أن تلك الممارسات العنيفة ضد الأطفال، قد تؤثر على نموهم العقلي، وتقلل من ثقتهم في أنفسهم، وقدرتهم على تحمل المسؤولية.
أسباب العنف ضد الأطفال
هناك الكثير من الأسباب وراء انتشار ظاهرة العنف ضد الأطفال، وإليك هذه الأسباب بشيء من التفصيل فتابع لتتعرف عليها أكثر:
أسباب أُسرية
فقد يكون سبب تعرض الأطفال إلى العنف راجع لعوامل أسرية، مثل:
- وجود مشكلات بين الوالدين وتعنيف أحدها للآخر.
- ضعف الروابط الأسرية.
- العزلة الاجتماعية للأسرة.
- افتقار الأسرة إلى التنظيم وسواد الفوضى في الحياة اليومية.
- نظرة الوالدين إلى الأطفال على أنهم ملائكة لا يقبل منهم الخطأ، لذا يرجون من أطفالهم نتائج خيالية.
- تعرض الأبوين للعنف ضدهم منذ صغرهم، وامتلاكهم أفكار خاطئة تبرر العنف ضد الأطفال.
- جهل المربيين بالطرق التربوية الحديثة وكيفية التعامل بشكل سليم مع الأطفال.
- عدم إدراك الوالدين لاحتياجات الأطفال.
- اضطراب العلاقة بين أفراد الأسرة والطفل.
أسباب نفسية
قد يرجع سبب العنف ضد الأطفال إلى معاناة ممارس العنف من بعض الاضطرابات النفسية أو الضغوطات، والتي يمكن أن تتمثل في:
- المعاناة من الاكتئاب أو مرض جسمي أو عقلي مزمن.
- شعور أحد الوالدين بضعف الثقة في نفسه وقدراته.
- التعرض لضغط شديد في العمل.
- إدمان المربي الكحول أو المخدرات.
أسباب اجتماعية
غالباً ما يكون للمجتمع دور كبير في ممارسة العنف ضد الأطفال، وإليك أهم الأسباب الاجتماعية فتابع لتتعرف عليها أكثر:
- أن يكون ممارسة العنف لتأديب الأطفال عقيدة راسخة ومقبولة في المجتمع.
- انتشار هذه الظاهرة وتفشيها بشكل واضح في المجتمع.
- الزواج المبكر أو القسري.
- انتشار الجريمة والعصابات والإتجار بالمخدرات والأطفال.
- عدم وجود قوانين مفعلة لحماية الأطفال من ممارسة العنف ضدهم.
- اقتناع أفراد المجتمع بأن الأطفال إحدى ممتلكات والديهم.
- تفشي الجهل وقلة التعليم في المجتمع.
- افتقار المجتمع المساواة بين الجنسين وسواد الأفكار العنصرية.
- انتشار ظاهرة المثلية الجنسية وكثرة المثليين في المجتمع.
- قلة التماسك بين أفراد المجتمع.
- زيادة الكثافة السكانية.
أسباب اقتصادية
وكثيراً ما تعود أسباب ممارسة العنف ضد الأطفال إلى أسباب اقتصادية، فالمجتمعات الفقيرة هي أكثر المجتمعات التي يعاني أطفالها بشكل ملحوظ من هذه الممارسات السلبية ضدهم، وإليك أهم الأسباب الاقتصادية للعنف.
- الفقر.
- قلة مستوى دخل الأسرة.
- البطالة وقلة توفر فرص العمل.
- السكن غير المناسب للمعيشة.
نتائج العنف ضد الأطفال
هناك العديد من الأضرار والآثار الاجتماعية والنفسية السلبية، التي تزداد احتمالية حدوثها، عند ممارسة العنف ضد الأطفال، فقد تؤثر هذه المشكلة على المجتمعات والأسر بشكل عام، فتابع:
1-الأذى الجسدي والإصابات الخطيرة
فكثيراً ما يتعرض الأطفال إلى إصابات جسدية خطيرة بسبب ممارسة العنف ضدهم، وقد يصل الأمر أحياناً إلى حدوث إعاقات خطيرة تستمر معهم للأبد، وقد تصل خطورة الأمر إلى الموت.
2-زيادة فرص الإصابة بالأمراض غير المعدية
فقد وجد أن الأطفال الذين تم ممارسة الأفعال العنيفة ضدهم منذ الصغر، هم الأكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب، وسكر الدم، والأوعية الدموية، والسرطان.
3-ضياع الأجيال القادمة
فمن الملاحظ أن الأطفال الذين قد تعرضوا للتعنيف، هم الأكثر إقبالاً على التسرب من المدرسة، ورفض التعليم، وبالتالي ضياع مستقبلهم، لقلة لضعف احتمالية حصولهم على فرص العمل مستقبلاً.
كما أنهم هم الأكثر عرضة لتعنيف الآخرين لهم في المدرسة، بالإضافة إلى ممارستهم السلوك العنيف مع أطفالهم عند الكبر، فممارس العنف هو في الأساس شخصاً قد تعرض للتعنيف.
4-حدوث حمل غير مرغوب به والإصابة بالأمراض الجنسية
يؤدي تعرض الفتيات القاصرات للعنف الجنسي والاغتصاب، إلى إصابتهم بالأمراض الخطيرة، التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي، مثل فيروس نقص المناعة البشري، بالإضافة إلى احتمالية حدوث حمل.
5-ممارسة بعض السلوكيات القهرية الخطيرة
فالأطفال الذين قد تعرضوا إلى الممارسات العنيفة في الصغر هم الأكثر إقبالاً على الممارسات السلوكية الخطيرة في مرحلة المراهقة، مثل التدخين، والإدمان، وممارسة السلوكيات الجنسية الغير مقبولة اجتماعياً وأخلاقياً.
كما أنهم أكثر عرضة للإصابة بالقلق والاكتئاب، وقد يصل الأمر إلى التفكير في الانتحار، والإقدام عليه.
6-تأخير تطور الجهاز العصبي وتطور الدماغ
فقد أثبتت الدراسات والأبحاث العلمية أن تعرض الطفل للعنف في وقت مبكر، يمثل خطراً شديداً على جهازه العصبي، وجعل نمو الدماغ بطيئاً للغاية.
وبالتالي تقل قدرته على التعلم، كما قد تتعرض الغدد الصماء أو الجهاز المناعي، والجهاز التنفسي، والأعضاء التناسلية، والجهاز العضلي الهيكلي للضرر.
علاج العنف ضد الأطفال
هناك الكثير من الطرق التي يتم اللجوء إليها لعلاج مشكلة العنف ضد الأطفال، فالوالدان بحاجة دائمة إلى الدعم، لتوفير حياة صحية آمنة خالية من الممارسات العنيفة لأطفالهم، لذا قامت المنظمات المحلية والمدنية بالعديد من الممارسات لتأهيل الوالدين لذلك، فتابع:
الدعم الاقتصادي
يساعد الدعم الاقتصادي للأسرة، بشكل فعال في استقرار الحياة الأسرية، لذا تعمل المنظمات على توفير فرص تمنح الأمان المادي للأسر.
تعليم الأطفال في عمر مبكر
حيث وجد أن تعليم الأطفال مبكراً، يعمل على إشراك الوالدين بشكل فعال في حياة أطفالهم، لذا تسعى المنظمات إلى وضع نظام لترخيص المؤسسات التعليمية، الخاصة بالأعمار المبكرة.
التشجيع على التربية الإيجابية الحديثة
تطبيق الأساليب التربوية الحديثة، التي تعتمد على التربية الإيجابية، والابتعاد كل البعد عن العنف في العقاب، هي من أهم سبل علاج هذه المشكلة.
فهي أفضل طريقة لخلق جيل سوي، لا يؤمن بالعنف، ولا يتخذه وسيلة لتربية أطفاله في المستقبل، لذا تسعى المؤسسات إلى غرس هذه الأسس في المجتمع، وتدريب الوالدين عليها.
تفعيل القوانين التي تجرم العنف ضد الأطفال
فكرة وجود قوانين مفعلة، تعاقب كل من يمارس العنف ضد الأطفال، حتى ولو كان الوالدان، هي أفضل طريقة لمحاربة العنف، ومع الوقت سنتمكن من القضاء على تلك العقيدة السلبية الخاطئة، التي تبرر تعنيف الأطفال من قبل المربيين.
إيجاد طرق فعالة لحماية الطفل من العنف
من أهم الممارسات التي يتوجب فعلها لحماية الطفل من العنف، هو سرعة التدخل وحماية الطفل من العنف والإهمال، وغيرها من المشكلات التربوية التي يعاني منها الطفل.
ومن الممكن تطبيق ذلك من خلال تقديم رعاية صحية جيدة إلى الطفل، وإتاحتها بشكل يومي، وتقديم البرامج التدريبية للوالدين، حول التربية الإيجابية، وعلاج الاضطرابات السلوكية، مع الاهتمام بتطوير المهارات التربوية عند الوالدين.
حلول العنف ضد الأطفال
- تدريب المربين على الأسس التربوية السليمة، وطرق العقاب التي لا تسبب أي ضرر للأطفال.
- عمل دورات تدريبية حول أساليب التربية الإيجابية للأطفال وأضرار العنف وكيفية تجنبه.
- دعم الأطفال المعنفين وتشجيعهم على استكمال مسيرتهم التعليمية فهي منقذهم الوحيد وطريقهم الأمثل لمواجهة العنف.
- السعي للحصول على معلومات دقيقة حول العنف ضد الأطفال واستخدامها في نشر الوعي المجتمعي تجاه هذه القضية.
- تعريف المجتمع بالعنف وأشكاله وطرق علاجه، وذلك بالتعاون مع المهتمين بهذه القضية.
- الإبلاغ عن حالات العنف وتسليط الضوء عليها، حتى يشعر المجتمع وأصحاب القرار إدراك مدى خطورة هذه المسألة.
- السعي للتأثير على صانعي القرارات لتفعيل القوانين التي تجرم العنف.
- علاج مشكلات العنف الأسري والتشجيع على التراحم والترابط بين أفراد الأسرة الواحدة.
- التأهيل النفسي للمربين وعلاجهم من الأمراض النفسية قبل الإنجاب.
- التأثير على الرأي المجتمعي الذي يبرر تعنيف الأطفال من أجل التربية.
أنواع العنف ضد الأطفال
لا يقتصر العنف ضد الأطفال على نوع واحد، وإنما يأخذ أشكالاً متعددة وهي كالتالي:
العنف الجسدي
ويتمثل في كل أنواع العقاب أو الإيذاء الجسدي الذي يتعرض له الطفل، وقد ينتج عنها ما يلي:
- الشدة والقسوة في العقاب بشكل يعرض حياة الطفل للخطر ويتسبب في موته.
- تعرض الطفل لإصابات خطيرة مثل الجروح والكسور، والحروق الشديدة وإصابات الرأس.
- التأثير على الجسم بخدوش بسيطة أو تجمعات دموية والكدمات حول الأنف والعين، أو الفم، أو أي منطقة من الجسد.
العنف الجنسي
ويقصد به تعرض الطفل لأي نوع من الاعتداء الجنسي، مثل التحرش والإساءة إلى الطفل بالكلمات الجنسية، أو الاغتصاب، أو الاستغلال الجنسي للطفل أي إغراء الطفل واستغلاله جنسياً بإرادته.
العنف النفسي
فلا يقتصر تعنيف الطفل على الاعتداء عليه جسدياً أو جنسياً فقط، وإنما معاملته بصورة سيئة أيضاً تعد من أنواع العنف، ويتمثل العنف النفسي في رفض الراشدين تلبية الاحتياجات الأساسية له، أو عزل الطفل عن المجتمع.
وأيضاً ترهيبه وإثارة الخوف في نفسه، أو تجاهل الطفل وعدم منحه ما يحتاج إليه من اهتمام، أو إفساد الطفل وتشجيعه على ارتكاب بعض السلوكيات الخاطئة مثل التسول.
العنف اللفظي
ويقصد به نطق بعض الألفاظ أو أداء بعض الإشارات التي تحمل إهانة للطفل تؤثر في حالته النفسية وتقلل من ثقته في نفسه.
إهمال الطفل
حيث يعد الإهمال من أشد أنواع العنف التي يمكن أن يتعرض لها الطفل، رغم جهل كثير من الناس ذلك، ويأخذ الإهمال أشكالاً متعددة، ومنها ما يلي:
الإهمال العاطفي
وهو عدم منح الطفل لما يحتاج إليه من مشاعر الحنان والحب، وعدم تعويضه عن ما يتعرض إليه من مواقف سيئة، أو تعرضه لمشاهدة ما يدور بين الوالدين من خلافات ومشاجرات.
الإهمال الجسدي
ويقصد به عدم تلبية احتياجات الطفل الأساسية من ملبس ومأكل ومشرب، والسماح بتعرضه للمخاطر، وتركه لأوقات دون رعاية وإشراف.
الإهمال الصحي
وهو عدم توفير الرعاية الصحية وسبل العلاج للطفل.
الإهمال التعليمي التربوي
وهو عدم إلحاق الطفل بالمدرسة ورفض توفير التعليم الأساسي له.
الأسئلة الشائعة حول العنف ضد الأطفال
ما مدى انتشار سلوك العنف ضد الأطفال في الدول العربية واذكر الإحصائيات التي تؤكد ذلك
للأسف لا يمكن الوصول إلى إحصاءات دقيقة لحسم هذه المسألة، حيث لا يتم الإبلاغ عن الكثير من هذه الحالات، كما أنه لا يوجد حتى الآن تعريفات واضحة تحدد معنى دقيق للعنف، وتوضح أشكاله المختلفة.
هل يوجد نوع معين من أنواع العنف ضد الأطفال تتم ممارسته في الوطن العربي بشكل متزايد عن الأشكال الأخرى؟
يعد الإهمال والعنف الجسدي والنفسي والجنسي، هم أنواع العنف الأساسية المنتشرة في العالم العربي، ولكن من الصعب تحديد مدى انتشار كل نوع بشكل دقيق، بسبب عدم الإبلاغ عن معظم الحالات، وعدم وجود إحصائيات دقيقة توضح ذلك.
وهنا نكون قد وصلنا عزيزي إلى ختام هذا المقال، بعد أن تعرفنا سوياً على العنف ضد الأطفال، والكثير من المعلومات المتعلقة به، فقد تعرفنا على مفهومه، وعرضنا لك أسبابه، ونتائجه، وطرق علاجه وحلوله، وأيضاً قمنا بتوضيح أشكاله، كما قد وضعنا بين يديك أهم الأسئلة المنتشرة حوله، والإجابات الصحيحة لها، نرجو أن يكون مقالنا قد نال إعجابك.