المصادر الرئيسية للسيرة النبوية

من الجلي للجميع أن سيرة النبي هي أحد العلوم المهمّة التي يتعلمها كل مسلم. وبالتالي، فإننا نرى بأن الصحابة كان لديهم اهتمام خاص بتعلم هذه السيرة والتأكد من صحتها، فضلاً عن نقلها .

ونظرًا لأهمية السيرة النبوية، بدأ العديد من العلماء في التحقق من صحة الأحاديث التي ذكرتها حول سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حتى يستخلصوا سنته ويطبقونها على نحو صحيح، من خلال اتباع المصادر الموثوق بها.

وتتنوع مصادر السيرة النبوية بين المصادر الأصلية والتكميلية، وهي عبارة عن مجموعة من المصادر التي سنذكر أهمها في هذا المقال لإلقاء نظرة شاملة على سيرته، وعلى همته في نشر دعوة الإسلام والدفاع عنه، حيث تمكن من تحقيق جميع ما يطلب منه في فترة قصيرة.

1 ـ القرآن الكريم 

القرآن الكريم هو المصدر الرئيسي للسنة النبوية، ويرجع ذلك إلى كونه المصدر الاصلى لحياة النبي صلى الله عليه وسلم وتاريخه، بحيث يفصح عن نشأته وأحداث حياته، كما هو مذكور في قوله تعالى “أَلَم يَجِدكَ يَتِيمًا فَآوَى وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى”. 

ويعرض القرآن الكريم لنا ما شهد النبي صلى الله عليه وسلم من آلام وضروب المعاناة، بسبب المشركين الذين كانوا يتحرشون به ويحاربون دعوته بالجهل والسحر.

ويمكننا استخلاص أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن الكريم بوضوح في العديد من الآيات كقوله تعالى “وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ, عَظِيمٍ” وقد تعرض القرآن الكريم لهجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأحداث كثيرة من المعارك الحربية خاصة بعد هجرته، وذكرت من بين تلك المعارك معارك بدر وأحدٍ والأحزاب، بالإضافة إلى صلح الحديبية، وفتح مكة، وغزو حنين.

وبالإضافة إلى ذلك، تحدث القرآن الكريم عن بعض معجزات النبي مثل معجزة الإسراء والمعراج، وانشقاق القمر وغيرها من الأحداث التاريخية التي تم استخلاصها من كتاب الله، إذ يعد كتابه أوثق كتاب على هذه المعمورة، حيث لا يستطيع أحد نفي محتوى هذا الكتاب باشتباه تاريخه وإثبات صفاته، حتى أصبح هو المصدر الموثوق لسيرة نبينا صلى الله عليه وسلّم.

2 ـ كتب الحديث الصحيحة 

تعد الكتب الصحيحة للحديث من أفضل مصادر السنة النبوية، وذلك لأنها للأئمة المشهود لهم بالثقة والصدق في عالم الإسلام، وتضم هذه الكتب ستة كتب شهيرة هي: البخاري، مسلم، أبو داود، النسائي، الترمذي، ابن ماجه بالإضافة إلى موطأ الإمام مالك ومسند أحمد.

وتعتبر الكتب المذكورة من أهم المصادر الصحيحة التي تغطي جوانب عديدة من حياة النبي صلى الله عليه وسلم، مثل أعماله وغزواته؛ وتعد كتب الإمام البخاري والإمام مسلم هي الأصح والأكثر دقة بشكل قاطع، أما باقي الكتب فلا تستند جميعها على المصادر الصحيحة، إذ تضم موادًا صحيحة وأخرى خاطئه.

هذه الكتب هي مصادر موثوقة للسيرة النبوية، حيث تشتمل على تفاصيل وروايات من خلال سندها المتصل بالصحابة رضوان الله عليهم، الذين كانوا ملازمين للرسول وشهداء لغزواته، وقد نشأوا على يديه، لذلك فإن هذه الكتب تعطي فكرة شاملة وغير متحيزة لحياة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ويتوجب علينا تصديق كل ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يحق لنا التشكيك فيه ونعتبره كحقائق تاريخية مؤكدة.

3 ـ كتب التَفاسير و أسباب النزول

تعد كتب التفسير وكتب أسباب النزول الموثوقة، مصدراً هاماً من مصادر السيرة النبوية؛ لأنها تشمل في مضمونها العديد من الأحداث والشمائل المتعلقة بحياة النبي صلى الله عليه وسلم، خصوصاً كتاب التفسير بالمأثور، مثل تفسير الطبري، وتفسير ابن كثير، وكذلك تفسير ابن أبي حاتم الرازي وغيرهم.

وتقدم هذه الكتب لنا سردًا للأحداث بربط السند بينها، وهذا يعمل على إثبات صحة النصوص وتوثيقها باستخدام الملاحظات والشواهد. كما تعرض هذه الكتب اختلاف المخارج بالنسبة للمراسيل.

4 ـ كتب السيرة 

كتب السيرة تعد أيضاً مصدراً رئيسياً للسيرة النبوية، لأنها تتميز بعرض الأحداث التاريخية بسهولة كما أن احداثها متصلة، كما أنه تراعى تتابع الزمن المستخدم في عرضها للأحداث.

وينبغي علينا أن نذكر أن كتب السيرة النبوية تحتوي على حقائق يرويها الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأجيال التالية.

ثم اهتم الاتباع أهمية بنقل هذه الأخبار وقاموا بحفظها في عدد من الصحف وتم تسجيلها بالكامل ونالت عناية خاصة مثل أبان بن عثمان بن عفان، وعروة بن الزبير بن العوام، وعبد الله أبي بكر الأنصاري، ومحمد بن شهاب الزهري، والذي كان مهتم بتسجيل هذه المعلومات خلال حقبة حكم عمر بن عبد العزيز.

وقد أوجز هؤلاء التابعين سيرة النبي بعناية وتفاصيل دقيقة، ومن بينهم محمد بن إسحاق بن يسار الذي كان مشهورًا.

5 ـ الشعر العربي المعاصر لِعهد الرسالة

يعد الشعر العربي المعاصر لعهد النبي صلى الله عليه وسلم مصدرًا هامًّا من مصادر السيرة النبوية؛ وذلك نتيجة لتشدد المشركين على الرسول صلى الله عليه وسلم في كلام شعرائهم. فأجاب المسلمون على تلك المزاعم بالشعر أيضا، إذ استخدموا كذلك صيغ ألسنة شعرائهم ومن الشعراء المسلمين حسان بن ثابت، و عبد الله بن رواحة، وغيرهم.

واحتوت الروايات الأدبية على العديد من القصائد حول حياة النبي (ص) والمجتمع الذي نشأ فيه، ولذلك أصبح الشعر يعتبر موردًا مهمًا للسيرة النبوية في ذلك الزمان.

6 ـ سيرة ابن هشام 

كتاب سيرة ابن هشام المعروف باسم “السيرة النبوية” هو مصدر موثوق ودقيق للغاية للمعلومات عن حياة النبي، حيث أنه يحظى بتقدير كبير من قبل علماء المسلمين، وذلك لأن ابن هشام حذف من المصادر النصوص ذات الطابع الإسرائيلي والأشعار التي لا تتعلق بحياة النبي ولا تمد له بصلة. وكان ذلك أحد أسباب جعل هذا الكتاب يحظى بثقة كاملة من قبل المجتمع المسلم كأفضل سيرة نبوية ومصدر رائد من مصادر السيرة النبوية التي لا يمكن التشكيك بموثوقيتها.

7 ـ طبقات بن سعد 

يعد كتاب الطبقات لابن سعد من أهم مصادِر السيرة النبوية؛ حيث تضمن فيه تفصيلًا عن أحداث السيرة النبوية المشرفة كسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحواله قبل المولد، والأحداث التي سبقت بعثته.

بالإضافة إلى ذلك، تضمن الكتاب ما ورد من تعاليم النبي بعد هجرته وحدوث الأحداث المرتبطة به وبصحبه، بالإضافة إلى كتابته للملوك والشخصيات المشهورة في عصره، فأصبح هذا الكتاب مرجعاً هاماً في سيرة النبوية.

8 ـ تاريخ الطبري 

تُعتبر سيرة الطبري واحدة من أهم مصادر النبوية؛ حيث يشمل تاريخ الأحداث والوقائع التي بدأت من زمن آدم (عليه السلام) وانتهت بالحديث عن أحداث زمانه، وذلك من خلال الأخبار والتسلسل واغلبه بالأسانيد 

ولم يتطلب الطبري الاعتماد على صحة جميع الأحداث والوقائع المشمولة فيه، بل تبنى مفهوم “من أسند فقد أحال “؛ وبالتالي، فإنه يشتمل على الصحيح والمزيف، ويعتمد ذلك على ثقافة القارئ في التفريق بينها.

في ختام هذا المقال، نريد أن نذكركم بأهم مصادر سيرة الرسول الكريم التي وفرت المعلومات الأكثر دقة وصحة ولقت استحسان كبار العلماء وانتشارًا واسعًا.

اقرأ ايضا: أفضل 10 سلاسل شرح السيرة النبوية كاملة