الهجرة الى المدينة- الحلقة – 14 –
الهجرة الى المدينة :
الهجرة النبويّة منذ أوّل يوم نزل فيه الوحي على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أدرك رسول الله أنّه مهاجرٌ من مكّة المكرّمة، ولقد أبلغه ورقة بن نوفل بذلك، حينما قال له أنّه: ما من نبيّ أُرسل إلا وجاهده قومه وكذّبوه وأخرجوه، فكان -صلّى الله عليه وسلّم- مدركاً لضرورة الهجرة باكراً مقدّراً الظّرف الّذي أحاط به، ولقد سبق الهجرة الى المدينة المنوّرة هجرةٌ أولى إلى الحبشة؛ فقد اشتدّ عذاب الكفّار كثيراً على صحابة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حتّى أضرّ بهم هذا الحال، فأمرهم الرّسول -عليه السّلام- أن يتّجهوا إلى الحبشة؛ ليقيموا فيها ويبتعدوا قليلاً عن بطش قريش وظلمهم.
أسباب الهجرة النبوية الشريفة :
وترجع الأسباب التي أدّت إلى الهجرة النبويّة الشّريفة؛ إلى عدم تقبّل كفّار قريش دعوة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وعدم تصديقها والعمل بها، ولقد كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في بداية الدّعوة حريصاً أشدّ الحرص أن يهدي قومه وأهله إلى الإسلام والنّجاة من عذاب الله تعالى، بل إنّ الله تعالى أراد ذلك؛ فأمر نبيّه -صلّى الله عليه وسلّم- في بداية الدّعوة أن يدعو أهله المقرّبين، قال تعالى: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)، لكنّهم قابلوه بالكفر المتتابع، والإيذاء له وتتبّع النّاس الذين يدعوهم النبيّ؛ ليقنعوهم أنّه -عليه السّلام- ساحرٌ كذّابٌ، ثمّ لحق الضّرر أصحابه أيضاً فاستضعفوهم وعذّبوهم؛ فتطلّع رسول الله حينها لبلدٍ يستقبله هو ودعوته والمؤمنين، ويبدأ ببناء الدّولة الإسلاميّة ويطبّق شرائعها بعيداً عن هذه الظّروف الصّعبة، ولقد جاء ما يشجّعه -عليه السّلام- على ذلك عندما التقى نفراً من الخزرج قد أتوا مكّة المكرّمة، فعرض عليهم الإسلام فأسلموا، ثمّ عادوا في العام القادم وقد ازدادوا عدداً وطلبوا مرشداً لهم؛ يعينهم على أمر دينهم، فأرسل رسول الله معهم مصعب بن عمير داعياً ومعلّماً لهم، فازداد عدد المسلمين من الأنصار بعد ذلك، ثمّ بايعوا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على الدّعوة والنّصرة ما استطاعوا، فكان ذلك محفّزاً لرسول الله للانتقال إلى المدينة المنوّرة.